الثورة – غصون سليمان:
كنوز من الحرف التراثية يملكها المجتمع السوري، فأينما حللت وتوجهت تراها أمام ناظريك، تأثرك العراقة والأصالة والخصوصية التي يتمتع بها كل لون من ألوان الإبداع لحرف ومهن مختلفة.
وانطلاقاً من ذلك يرى مدير البيت التجاري في اتحاد الحرفيين خالد فياض في لقاء معه أنه من الضروري أن يكون لدينا معهد تابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أو وزارة الثقافة، أو السياحة لتعليم الحرف، لطالما لدينا الكادر الحرفي القادر على أن يعلم كل من يرغب ويريد، ويعزز هذا التشكيل الواسع من الحرف المختلفة.
وقال فياض: صحيح أن هناك حرفيون يمكن أن يقدموا خدمات مجانية وبعضهم مأجورة بشكل رمزي، لكن ماذا يشكل الأمر بالنهاية من المساحة المطلوبة لخدمة التراث، بغض النظر عن الدورات التي تقام هنا وهناك، وبالتالي يجب أن يكون لدينا معهد بنظام عامين يعتمد مناهج وأدوات لتعليم الحرف ويخرج حرفيين حقيقين متقنين لفن الحرف بأشكالها المتنوعة، مع وجود المنهاج النظري ليتمكن الحرفي حين يكون في الخارج وحامل لهذه المهمة أن يكون مزوداً ببطاقة تعريف لمنتجاته «تاريخها والمواد المصنعة منها».
التأثير الإيجابي
ولعل الأهم في ذلك حسب رأي مدير البيت التجاري أن هذا الحرفي الذي أتقن صنعته يمكن له أن ينمي هذه الموهبة في حيه وقريته ومدينته للراغبين والهاوين كل حسب ذائقته، مؤكداً أن معظم دول العالم تسعى اليوم إلى زج جيل الشباب بسوق العمل من خلال تهيئة الظروف المناسبة له وبمراحل مبكرة، منوهاً بأن الحال لدينا مختلف إذ ننتظر حتى يصل الطالب إلى الجامعة ويتخرج منهاربما حتى يمارس عملاً أو حرفة أو مهنة، فالتعلم المبكر حسب رأيه يصقل المهارات ويحفز القدرات على الإبداع.
ونوه في هذا السياق بأنه في مدينة كوتاهيا يعيش جميع أبنائها ذكوراً وإناثاً على مزاولة الحرف ولاسيما الخزف والقيشاني مايؤمن لهم الدخل وإتقان الصنعة بمراحل عمرية مبكرة.
وفي بلدنا سورية نجد معظم نساء حرستا ودوماً على سبيل المثال لا الحصر يقومون بهذا العمل في المنازل أي صناعة الأغباني والقيشاني وشك الخرز، وبالتالي لدينا حرف قمة في الإبداع، ولكن كيف نحولها إلى ظاهرة؟.
ودلل على ذلك من خلال عود الموسيقار فريد الأطرش الذي أبدع بعزفه وألحانه على العود ما ساعد جيل الشباب على تذوق ألحان العزف في البيئة التي ينتمي إليها الموسيقار الأطرش وبالتالي شجع الكثير من هؤلاء الشباب على اقتناء العود.. ولايكاد يخلو بيت إلا وفيه عود وعازف، ولعل نسبة كبيرة من عازفي سورية هم من مدينة السويداء لأن فن العود تحول إلى ظاهرة شعبية، ونأمل أن تتحول الحرف السورية بكل ماتعنيه الكلمة من معنى إلى ظاهرة مجتمعية تنمي البيئة التي تنشأ فيها مايساعدها على تحسين أوضاعها المعيشية وتعزيز ثقافة الحرف التراثية وغيرها.
نتيجة الحرب
وعن الصعوبات التي تواجه واقع الحرف اليوم أشار مدير البيت التجاري إلى ما نشهده من انهيار لبعض الحرف السورية نتيجة الحرب العدوانية على بلدنا، ما دفع العديد من أصحاب الورش إلى تغيير أماكنهم وهجرة بلداتهم ومدنهم بعدما تم تدمير مستلزمات صنعتهم، ما دفع الكثيرين منهم إلى بيع مقتنياته والبحث عن أعمال أخرى لترميم ظروف حياتهم المعيشية، ليبقى السؤال معلقاً كيف نعيد حرفيينا المهرة إلى صنعتهم اليوم، ونحمي تراثنا من الفوضى والعبث به؟.