تحدّيات الهويّة والانتماء..؟

الملحق الثقافي- حبيب الإبراهيم:
بالرغم من تعرّض الأمة العربية خلال تاريخها الطويل للعديد من الهجمات الاستعمارية، وبأشكال مختلفة إضافة للتحديات التي استهدفت الوجود والهوية والانتماء …فإنّ أمتنا استطاعت وبفضل مقوماتها الحضارية والتاريخية أن تهزم الغزاة والمستعمرين في جميع المواجهات والمنازلات، وتخرج منتصرة لماضيها وحاضرها ومستقبلها، بل خرجت أكثر قوة وصلابة في الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية، والتي تستمد نسغها وديمومة وجودها من القيم والمثل والمبادىء الحضارية والتاريخية التي ارتكزت عليها ونشرتها في أوج قوتها وازدهارها في مناطق واسعة من العالم.
إنّ الهويات الوطنية مجتمعة تشكل فيما بينها الهوية القومية التي ترتكز على اللغة الواحدة التي ينطق بها أبناء الأمة، فاللغة العربية بالرغم من كل حملات التشويه التي واجهتها استطاعت أن تحافظ على قوتها ومتانتها وألقها، لأنها لغة القرآن، لغة العلم والثقافة والتاريخ المشترك، أضف إلى ذلك فهي لغة متجددة قابلة للتطوير والتجديد واحتواء المصطلحات الجديدة.
إن مسألة الولاء والانتماء تتجلى بالارتباط الوجداني والروحي بالأرض التي يعيش عليها الفرد، ويشعر بأنه جزء مهم من هذه الأمة، والتي تشكّل فيما بينها روابط ثقافية واجتماعية وأخلاقية تدفع بالأفراد للتمسك بهويتهم، والتي هي عنوان لماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
وتتجلّى عظمة أي أمة وتطورها الحضاري من خلال مبدعيها ومفكريها وما يقدمونه من أدب وفن ٍّ وعلوم في شتى المجالات للحضارة والإنسانيّة جمعاء، حيث يستلهمون من التراث ما يعزّز وحدتهم ووعيهم وسعيهم الدائم لربط حاضرهم بمستقبلهم.
وما يبدعه الأبناء في الثقافة والأدب، في الفنون والعلوم يعزز لديهم مسألة الانتماء للأرض والإنسان، ويجعلهم أكثر تمسكاً بهويتهم الوطنية والقوميّة، ومواجهة التحدّيات بمختلف أشكالها وأنواعها، والتي تعمل على إذابة الشخصية الوطنية في إطار أدلجة الفكر وما يعرف بثقافة العولمة التي أخذت مفاعيلها في العقود الأخيرة ومحاولة العودة إلى ما قبل الدولة وتعزيز الصراعات الطبقية وصراع الحضارات التي تراكمت عبر آلاف السنين.!!
إنّ محاولات النيل من الهوية الوطنية والقوميّة لا يمكن أن تحقق أهدافها،لأن التمسك بالتراث الثقافي والفكري للأمة هو السبيل الوحيد لإفشال هذه المحاولات، والتي عمل عليها دعاة العولمة بشتى الوسائل لضرب المنظومة الثقافية والأخلاقية للمجتمع من خلال ترسيخ ثقافة الهيمنة والاستغلال وتجزئة المجتمعات إلى قوى متناحرة متصارعة على أسس دينية، عرقيّة، مذهبيّة، إقليمية،….
ولعل ما حدث في العقد الأخير من القرن الحالي كان شاهداً على هذا التوجه، حيث عملت القوى المعادية على إضعاف مسألة الانتماء الوطني وضرب الهويّة الوطنية تحت شعارات زائفة قائمة عل التضليل وتشويه الحقائق الراسخة لوحدة وتماسك المجتمع.
لذلك جاء التمسك بالقيم والمثل والمبادىء أحد أهم طرق مواجهة هذه القوى فانبرى الأدباء والمفكرون لفضح زيف تلك الإدعاءات، ونشر نتاجهم وإبداعاتهم في مختلف صنوف المعرفة وتعزيز الانتماء للأرض والوطن، وترسيخ الهوية الثقافية واستنهاض قدرات الأمة وبعث أمجادها وإحياء تراثها الذي يشكل أحد أهم عوامل تطورها ورقيّها.
ولعلّ أخطر ما يهدد مسألة الهوية والانتماء لدى الأمم دخول عصر العولمة ومحاولات ضرب النظم القيمية والفكرية والثقافية، بحيث تصبح تلك المجتمعات بلا هوية وطنيّة أو قومية، وإخضاع العالم لقوانين واحدة ونسف كل مظاهر السيادة تحت مسمّيات :العولمة..الكونية .. القولبة ..الكوكب الواحد …
لا شك أن توظيف مخرجات العولمة من تكنولوجيا ومعرفة وتدفق المعلومات في إطار استراتيجي شمولي وعلمي بعيد المدى يشمل التعليم والمناهج والإعلام والثقافة، ويسهم في الحفاظ على الهوية القومية، ويدفع بالأمة قدماً على مدارج التطور والازدهار.
     

العدد 1146 –  6-6-2023    

آخر الأخبار
تصدير 600 ألف برميل من النفط السوري يعزز الحضور في الأسواق العالمية وزير الاقتصاد في لقاء حواري: تعزيز الإنتاج وخلق فرص العمل في سوريا دعم الابتكار والشباب.. جولة اطلاعية لوزير الاقتصاد في معرض دمشق الدولي خطة لترميم مدارس درعا تأهيل شوارع بصرى الشام لتعزيز العلاقات.. إيطاليا تعيد افتتاح قسم التعاون في سفارتها بدمشق 200 خط هاتفي  بانتظار التجهيزات في مقسم السليمانية تقديرات بإنتاج 33 ألف طن رمان في درعا سوريا تعرب عن تضامنها مع أفغانستان وتعزِّي بضحايا الزلزال  مستشفى التوليد والأطفال في اللاذقية.. خطط طموحة لتعزيز جودة الخدمات الطبية رغم خطورته أثناء الحرائق.. الصنوبر الثمري يتصدر الواجهة في مشاتل طرطوس الحراجية المواصلات الطرقية في اللاذقية ترصد المحاور المتضررة تمهيداً لإصلاحها هل يتحول معرض دمشق  إلى منصة رقمية متكاملة؟ لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق