الملحق الثقافي- سعاد زاهر:
ألا تبدو الذات الفردية حالياً في حالة تشتت غير مسبوق ونحن نعايش كلّ هذه الأبعاد التكنولوجية والأفكار المعولمة والتي لا تتيح للفرد أي معطى تفاعلي قيم في وقت تحاصرنا فيه وسائل التكنولوجيا، وترمي في وجوهنا كلّ هذه الرداءة المصورة.
فقدان الهويات الفردية، وكلّ هذا التفريغ الذهني من فكر استوطن عبر السنوات وانتقل الينا عبر كتب قيمة، حالياً لا تلقى الرواج، ولا حتى تعرض في واجهات المكتبات التي سرعان ما أغلقت، بالطبع لن تتيح لها أدوات التكنولوجيا أي بقاء إلا فيما ندر.
إذا ضمن واقع مفرغ كيف يمكن لنا أن نحصن الانتماء والهوية…؟
حين يقتنع المرء بكلّ ما يفعله، حين كلّ ما حوله يعينه على تفتح ذاته، وتفرد مكانته، والإحساس بأن القادم أفضل سرعان ما يستوطن المرء الاندفاع والحماس للعطاء والمساهمة في بناء محيطه وقد تتوسع الدائرة حسب النفوذ الذي يحتكم عليه.
وعندما يتزايد عدد الأشخاص ممن يمتلكون وعياً بأهمية هويتهم وانتمائهم فإن كلّ ما حولنا يزدهر لصالح بلدانهم، ولكي يكون ازدهاراً متيناً يدوم يحتاج إلى التعاطي مع كلّ التحديث الذي يحيط بنا، ولكن يما يتلائم وخصوصيتنا بحيث لا تلغى كلّ تلك الانعطافات الحضارية التي شكلتنا وقهرت ظروف ربما حاولت دحرها فيما مضى ولكنها لم تنجح.
وطالما بقيت فهي مكون حضاري له أهميته، يفترض بنا أن ندافع عنه ضمن أي معطى أو خطر قد يتعرض له، فالانتماء لا يتجزأ انه حالة كلية تبدأ من معطيات خارجية ضمن وصولاً إلى الحالة الذاتية ولكن بكليتها تؤلف الحالة الجمعية، وحين تؤسس فكرياً بطريقة صحيحة، ويترافق التأسيس الفكري معطيات خارجية تدعم وجود الفرد في بلده،حينها ستكون الهوية والانتماء في مأمن من كلّ التخريب الذي يطالها.
العدد 1146 – 6-6-2023