الثّورة – ترجمة رشا غانم:
تدعي واشنطن باستمرار الاستعداد والجاهزية الدائمة للحوار مع بكين بأي موضوع من شأنه أن يخفف من حدّة التّوترات، فعلى ما يبدو بأنّها تتبنى نهجاً أكثر تصالحاً بالعلاقات، ولكن ينبغي عدم أخذ هذا التغيير على نحو كبير من الجدية، حيث إن الولايات المتحدة تتظاهر بتمسكها بالأخلاق والمعايير العالية لتحمل بكين مسؤولية تدهور العلاقات التي كانت واشنطن السبب الرئيس بها، ولتعزيز هذا الموقف، تقوم إدارة جو بايدن بتصوير الولايات المتحدة الأمريكية على أنّها ضحية السلوك العدواني للصين.
وآخر إشارة على ذلك، وجّهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام ضدّ جيش التحرير الشعبي الصّيني، وانتقدت المناورات التي قامت بها السفن الحربية والطائرات المقاتلة للجيش، ووصفتها بغير المسؤولة والخطيرة وغير الاحترافية، بعد ردها على القوى الجوية الأمريكية التي قامت بعمليات استطلاع ومراقبة قريبة من الشّاطئ وعلى إجراءات البحرية الأمريكية التي كانت تُمارس ما يُسمى بعملية حرية الملاحة على أعتاب الصّين.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: ليس هناك من حاجة لأن يتصرف جيش التحرير الشعبي بطريقة “عدوانية” كما فعل، محذّراً من أنّه كان من الممكن أن يُصاب أحد ما بأذى.
ولكن لا يهمّ كم تحاول الولايات المتحدة تصوير نفسها على أنّها الضّحية والمجني عليها في ذلك الشأن، فلن ينطلي ذلك على العالم ولن تستطيع خداعهم، فمن الواضح جداً بأنّ إدارة بايدن ومقرّ الأمن في واشنطن هم من يدفعون الأمور إلى حافة الهاوية والكارثة.
لقد استخدمت واشنطن قمة مجموعة السبع في هيروشيما في اليابان الشهر الماضي، وحوار شانغريلا في سنغافورة كمسرح لتقديم عرض معادٍ للصّين، وعلى أي حال، فإنّ عروضها ستفيد فقط في تسليط الضوء على ازدواجيتها.
ففي هيروشيما، وعلى سبيل المثال، سعت واشنطن بتجهيز وشحن رد فعل جماعي على ما سمّته بـ”الإكراه الاقتصادي” للصّين كأجندة أساسية للقمّة وبعد ذلك كتهديد مشترك للعالم، وفي سنغافورة، صوّرت واشنطن جهود الصّين للدفاع عن سيادتها كتهديد للسلام والاستقرار الإقليميين، في حين أنّ الخطر الحقيقي يتجسد بأفعال الولايات المتحدة وإجراءاتها لاحتواء الصّين، إنّهم يصّورون أنفسهم على أنّهم هم الوصايا وهم الساعون إلى حماية الأمن والسلام.
إنّها إدارة جو بايدن، التي يجب عليها أن تمسك زمام المبادرة للّتخلي عن إستراتيجية الغموض طويلة المدى للولايات المتحدة فيما يخصّ المسألة التّايوانية لدعم ما يُسمى باستقلال تايوان، إنه مخطط منهجي وواضح لاستخدام تايوان كأداة جيو- سياسية لاستفزاز بكين بردّ متسرّع أمام الجميع.
تُرى، هل كانت الولايات المتحدة ستسامح بلد ما، يدعم الجهود المبذولة لفصل أي جزء من أراضيها، ويبعث الطائرات الحربية والسفن القتالية لإجراء عمليات استطلاع ومراقبة قريبة من الشاطئ وتنفيذ عمليات حرية الملاحة بشكل دوري في مياهها، أو أن يتواطأ مع أغلب دول جوارها لتشكيل مجال عملياتي يغطي كل المدن الرئيسة لها؟.
لقد كان كيربي محقاً عندما قال: كان من الوشيك جداً أن يُصاب أحدهم بأذى، ولكن يجب توجيه هذا التحذير للبيت الأبيض وليس بكين وجيش التحرير الشعبي لأنهم ليسوا من قاموا بالأعمال العدوانية.
المصدر – تشاينا ديلي