التمديد الحكمي في عقود الإيجار.. الأكثر أثارة للجدل مشروع القاضي طارق برنجكجي يعيد التوازن التشريعي
على مدى عقود، ظلّ ملف التمديد الحكمي لعقود الإيجار في سوريا واحداً من أكثر الملفات القانونية والاجتماعية تعقيداً وإثارةً للجدل.
قضيةٌ تمس الملكية الخاصة في عمقها، وتطال حياة ملايين المالكين والمستأجرين على حد سواء، وقد شكلت ساحة صراع صامت بين طرفين متقابلين، أحدهما يرى أن حقه في ملكيته جرى انتزاعه، والآخر يعتبر أن مكتسباته التي عاش عليها أجيال لا يجوز المساس بها.
وسط هذا المشهد المتشابك، برز القاضي المستشار طارق برنجكجي بدراسة أكاديمية معمقة حملت عنوان “المعين في الإيجار الحكمي والتخمين”، وضع فيها إصبعه على جرح العلاقة الإيجارية في سوريا، متتبعاً مسارها منذ بداياتها التعاقدية الحرة، مروراً بظروف الحرب العالمية الثانية التي غيّرت ملامحها، وصولاً إلى تراكم التشريعات الاستثنائية التي أبقتها أسيرة “التمديد الحكمي”.
القاضي برنجكجي يكشف تفاصيل بحثه في لقاء خاص مع صحيفة الثورة، ويوضح رؤيته لحلّ هذه المعضلة مقدماً مشروع قانون متكامل يوازن بين مصالح المالك والمستأجر، في محاولة لوضع حدّ نهائي لصراعٍ طال أمده.
من علاقة تعاقدية إلى قانونية مفروضة

الجور على الملكية وأرقام صادمة
وأكد أن التشريعات الاستثنائية المؤقتة تزول بزوال الظروف التي دعت إليها، فالحل فيها ليس بتخفيف وطأتها إنما إلغاؤها جملة وتفصيلاً والخروج بشكل سلمي ونهائي وعادل من التمديد الحكمي للعقارات المأجورة السكنية والتجارية، موضحاً أن التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية الخاضعة للتمديد الحكمي سيظل متعذراً جداً، بحسبان أن انتقال حق الإيجار “الفروغ” في المأجور التجاري كان يتم وفقاً للقانون ذاته، ما أوجد حقوقاً مكتسبة للمستأجر بين مالكي الفروغ عبر الزمن، وأن الحق مكتسب هو مما يدخل في الذمة المالية للشخص، ويستطيع بيعه والتصرف به وتوريثه بعد وفاته، وهذا مما لا يجوز المساس به.
مشروع قانون خروج بلا خسائر فادحة
وختم بأن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بالإنهاء وفق نسبة معينة توزع بين طرفي هذه العلاقة وفق قواعد معينة، بحيث يخرج كل من الطرفين من هذه العلاقة سليماً معافى، دونما تهديد بخسائر فادحة لأي منهما، وبما لا يرد أو ينقل الظلم الواقع على المالك من جديد إلى المستأجر مالك الفروغ، إذ يتحمل كل من طرفي هذه العلاقة جزءاً منه في سبيل إنهائها دون أذى كبير يلحق بأحدهما.