يتناول عدد من المسؤولين الإقليميين والدوليين موضوع النازحين واللاجئين السوريين، فمنهم من يدعو إلى عودتهم الطوعية إلى بلادهم ومساعدتهم في اتخاذ هذا القرار ومن يربط عودتهم بضمانات وترسيخ الاستقرار، والبعض الآخر يرى أن عودتهم مرهونة بإنجاز الحل السياسي والأخطر من كل هؤلاء هم من يواصل توظيف معاناتهم الإنسانية.
في العموم كل الطروحات الإقليمية والدولية في هذا السياق ما زالت قاصرة ومحكومة في الكثير من الأحيان بمصالح الدول التي تطرحها أو بالتطورات في المنطقة والعالم ولكن لا يختلف أحد على دور الدول الغربية السلبي في إيجاد حلول لهذا الملف على الأقل في المناطق التي يعانيها النازحون واللاجئون سواء على الأراضي السورية أو في الدول المجاورة لسورية.
لا يخف على أحد دور الولايات المتحدة في منع إنهاء وضع مخيم الركبان الموجود بالقرب من قاعدة الاحتلال الأميركي في التنف حيث عملت الحكومة السورية منذ سنوات لإعادة النازحين في هذا المخيم إلى مدنهم وقراهم التي تم تطهيرها من الإرهاب ولكن قوبل ذلك بالرفض من واشنطن، حيث يستخدم الجيش الأميركي هذا المخيم كدرع بشري لحماية قاعدته ورفد تنظيماته الإرهابية ومليشياته بالمقاتلين واستخدام هذا المخيم كعنوان سياسي للتوظيف الإنساني والدعائي ضد الحكومة السورية.
وكذلك الأمر لا يختلف وضع مخيم الهول عن مخيم الركبان من حيث التوظيف إلا بالزعم أن رواده هم من إرهابيي تنظيم داعش، بينما تؤكد المعلومات أن القوات الأميركية ومليشياتها تقوم بزج كل من يرفض وجودهم أو يعتبرونه يشكل خطراً عليهم في هذا السجن الكبير الذي تحول إلى أكبر مفرخ للإرهابيين في العالم.
إن سحر سجن غوانتانامو لا يزال يراود عقول صناع القرار الأميركي ولو تسنى لهم لأقاموا سجوناً مماثلة في غالبية مناطق العالم، فمن حيث المبدأ والأهداف لا يختلف إصرار الولايات المتحدة على بقاء مخيمي الركبان والهول رغم المعاناة الشديدة للمدنيين القاطنين فيه عن استمرارها بالاحتفاظ بسجن غوانتانامو.
أما فيما يتعلق باللاجئين السوريين في عدد من الدول الإقليمية والدولية ورغم الدور الاقتصادي الإيجابي لهم لا تزال بعض الحكومات تواصل توظيفها لوجودهم سواء لجهة الحصول على أموال المانحين وعدم تقديمها للاجئين أم في مسألة الحل السياسي، ويتركز ذلك في الدول الغربية التي عملت منذ ست سنوات على فرض حزم إجراءات اقتصادية قسرية على سورية لعرقلة إعادة الإعمار وانتعاش الاقتصاد اللذين يشكلان قواماً مهماً للعودة الطوعية للاجئين.
وكذلك الأمر ساهمت محاولات الدول الغربية في تحقيق ما عجزوا عن إنجازه بالحرب عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية في تعقيد ملف اللاجئين وخاصة في الدول المجاورة لسورية، حيث تلقي هذه القضية الإنسانية بظلالها على الواقع السياسي والاقتصادي في هذه الدول وأصبحت خاضعة للتوظيف السياسي في قضايا داخلية يساء للسوريين فيها بكل الاتجاهات.
إن الانفتاح العربي على سورية والمستجدات الإيجابية في المنطقة والتعاون فيما بين دولها يجب أن يوفر أرضية لإيجاد حل لقضية اللاجئين السوريين بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ويكفي تكرار سياقات سياسية تجاوزها الزمن، ولم تعد تخدم المرحلة الحالية والتغييرات الدولية ولعل أول خطوة يجب فعلها من الدول التي تخضع لضغوط بشأن اللاجئين السوريين أن تبادر للمساعدة في عودة هؤلاء اللاجئين الطوعية من دون أي شروط وأن ترفض الاستجابة للضغوط الغربية المختلفة التي لا صلة لعناوينها الإنسانية بمأساة اللاجئين السوريين.