كَثُرَ الحديث مؤخراً عن تدهور واقع النظافة العامة في مجمل المحافظات السورية، بما فيها العاصمة دمشق، وتصاعدت وتيرة الشكاوى التي ترصد صور هذا التردي، عبر مجمل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، في محاولة لدق ناقوس خطر انعكاساته على البيئة والصحة العامة، خاصة خلال موجات الحرارة التي بلغت ذروتها في الأسابيع الماضية..
ولعل حملة (النظافة ثقافة) التي أطلقتها وزارة الثقافة خطوة مسؤولة لتحفيز النهوض بواقع النظافة.. إلا أن إدارة هذا الملف فعلياً بحاجة إلى خطة عمل شاملة، تواكبها آلية تنفيذ واضحة الملامح، وخاصة بعد أن شهدت تحولات جذرية خلال الأشهر الماضية، تمثلت بخروج هذا القطاع من عباءة مجالس المدن والبلدات، إلى مديريات النظافة في المحافظات، بكامل عدته وآلياته، وإن بقيت بعض الصلاحيات لتلك المجالس، فهي غالباً بدافع عشم الاستعانة بخبراتهم، في التخفيف من هذا التردي الحاصل، والذي يعود لأسباب تتعلق بتكرار أعطال الآليات المستهلكة، التي تتراوح أعمارها ما بين 30 و50 عاماً، وبالنقص الكبير في أعداد عمال النظافة، وأغلبهم على أبواب التقاعد أو يعانون من أمراض مزمنة، والعديد منهم لم يقبضوا أجورهم الشهرية في عدد من المحافظات والبلدات.
ما دفع أغلبهم للتوقف عن العمل، بانتظار وضوح آلياته الجديدة، ناهيكم عن ضعف الوعي المجتمعي بأهمية النظافة والانضباط بسلوكيات المواطنة، بالتوازي مع غياب تطبيق القوانين الرادعة لأي مخالفات تنال من نظافة البلد، وبالتالي فإن المبادرات المجتمعية، والحكومية لن تحقق جدواها- إن لم يواكبها تشخيص مبني على دراية كاملة بالإمكانيات المطلوبة، وضمان توفرها، وتمويلها، لإحداث نقلة نوعية وملحة في واقع النظافة باعتبارها عنوان الحضارة.