٧الثورة – بسام مهدي:
في بيان جديد أصدره مصرف سوريا المركزي، تمّ التحذير من مخاطر التعامل بالعملات الرقمية المشفّرة، مؤكداً أنها ليست عملة قانونية ولا صادرة عن أي جهة رسمية، وبالتالي فإن كلّ من يتعامل بها يتحمل المسؤولية القانونية والمالية كاملة.
فمعظم البنوك المركزية في الدول النامية والمتقدّمة على حدّ سواء تبدي مخاوفها من الانتشارالسريع لهذه العملات، لما تحمله من مخاطر مالية وقانونية وأمنية.
ما العملات الرقمية؟
العملات الرقمية هي أصول افتراضية يتم إنشاؤها عبر خوارزميات معقّدة على الإنترنت، مثل البيتكوين (Bitcoin) والإيثيريوم (Ethereum) وغيرها.
لا وجود مادياً لها، فهي ليست أوراقاً نقدية أو عملات معدنية، وإنما مجرد أكواد رقمية تُخزّن في محافظ إلكترونية.
تتميز بأنها لا تخضع لسلطة حكومية أو مصرف مركزي، بل يتم تداولها عالمياً عبر الإنترنت، ما يمنحها صفة اللامركزية.
أهميتها عالمياً
أولاً: التحويلات المالية السريعة عبر الحدود.
ثانياً: يستخدمها البعض كأداة استثمارية لتحقيق أرباح في ظل تقلب الأسعار.
ثالثاً: أصبحت أساساً لتطوير تطبيقات البلوك تشين التي تدخل اليوم في مجالات مثل العقود الذكية، إدارة البيانات، وسلاسل الإمداد.
لكن هذه المزايا لا تلغي المخاطر الكبيرة الملازمة لها،ومنع التعامل بالعملات الرقمية في سوريا يرتبط بعدة أسباب:
أولاً -غياب الرقابة والتنظيم القانوني، حيث أي تعامل يجري خارج النظام المالي الرسمي.
ثانياً- وجود مخاطر قانونية، حيث لا توجد حماية أو ضمان لاسترداد الأموال في حال الخسارة.
ثالثاً- الاحتيال وغسيل الأموال، حيث يمكن استخدامها في نشاطات مشبوهة، مما يهدد الاقتصاد والأمن المالي.
رابعاً- التقلبات الشديدة، قد يخسر المستثمر أمواله في ساعات نتيجة هبوط الأسعار المفاجئ.
إذاً، يرى المصرف المركزي أن السماح بها قد يفتح الباب أمام مخاطر اقتصادية وأمنية لا يحتملها الاقتصاد السوري في ظلّ ظروفه الحالية.
الصعوبات العالمية للعملات المشفرة
حتى على مستوى الدول الكبرى، لا تزال العملات المشفّرة تواجه عراقيل، أبرزها:
أولاً- التقلبات الحادة، تجعلها غير مستقرة كوسيلة إدخار أو تسوية مالية.
ثانياً- غياب التشريعات الموحدة، في كل دولة تتعامل معها بطريقة مختلفة.
ثالثاً- الاستهلاك الكبير للطاقة في عمليات التعدين.
رابعاً- استخدامها في الجرائم الإلكترونية مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
الاحتيال والنصب محلياً وعالمياً
من أخطر ما يرافق العملات الرقمية هو انتشار عمليات الاحتيال.. في سوريا، استغل بعض المحتالين ضعف وعي المواطنين، وروّجوا لمشاريع استثمارية وهمية تعدّ بأرباح خيالية، لينتهي الأمر بخسارة المدّخرات.
عالمياً، هناك قصص شهيرة لانهيار منصّات ضخمة مثل FTX التي خسرت مليارات الدولارات، إضافة إلى آلاف حالات الاحتيال الفردي عبر الإنترنت.
القاعدة الأساسية التي يجب أن يعرفها أي مواطن هي، أنه إذا كان هناك من يعدك بربح سريع وسهل عبر العملات الرقمية، فغالباً هو نصب واحتيال.
رغم أن العملات الرقمية تحمل بعض الفوائد التقنية والمالية على المستوى العالمي، إلا أن واقع سوريا الاقتصادي والقانوني يجعلها أكثر خطورة من كونها فرصة.
إن التحذير الذي أطلقه مصرف سوريا المركزي يأتي لحماية المواطنين من الانجرار وراء وهم الأرباح السريعة، وتفادي خسارة مدخراتهم في شبكات غير آمنة.
لذلك، يبقى الخيار الأكثر أماناً اليوم هو الابتعاد عن التداول بالعملات المشفّرة، إلى أن تتضح الصورة عالمياً وتصبح هناك أطر قانونية ومصرفية واضحة تحمي حقوق المتعاملين.