بعيونهم .. لا بعين شكسبير

منذ سنوات طويلة تخطّت عروض تخرج طلاب التمثيل في المعهد المسرحي إطار الامتحان الدراسي، لتصبح جزءاً أصيلاً من الحياة الثقافية في دمشق، وإضافة هامة للعروض المسرحية العامة، تحظى بالمتابعات الإعلامية والكتابات النقدية، وحوارات الجمهور المهتم.

عرض التخرج هذا العام حمل عنوان :(ما لم يكتبه شكسبير)، واستند على نص ذكي صاغه (خالد النجار) أحد الخريجين، وقد أدى في العرض دور الملك مكبث. وابتكر فكرته وأشرف عليه عروة العربي، وساعده حسن دوبا رئيس قسم التمثيل. استحضر النص بعضاً من أشهر شخصيات وليم شكسبير إلى حفل عشاء خيالي في قاعة قصر ملكي متخيلة. وفي ذروة تساؤل المدعوين عن صاحب الدعوة يخرج طيف شكسبير ليخبرهم أنه من دعاهم ليعلمهم أنه مات مقتولاً، وأن روحه لن ترتاح إلا بالاقتصاص من قاتله المدعو معهم على العشاء، (قد لا يكون بينهم). سرعان ما يكتشف هاملت و ماكبث وعطيل و كلاوديوس و ياغو والآخرون، ثم ريتشارد الثالث، أن باب القاعة المغلق بإحكام لن يفتح قبل الاقتصاص من القاتل فتبدأ رحلة البحث الدامية عنه. لينتقل العرض من محاولة اكتشاف دوافع كل مشتبه لقتل صانعه. إلى استحضار التريخ الإجرامي لكل مشتبه، إلى بوح داخلي لكل شخصية أشبه ما تكون بالدفاع عن سلوكها، وسرد معاناتها. وصولاً إلى حدث آخر غير الذي قدمته النصوص التي وصلتنا. برؤية تكاد تقول:إن انظروا إلى شخصيات شكسبير بغير التقليدية النمطية التي قدمها بها.

يبلغ ذكاء النص بؤرته – خاصة – في تعرية المجتمع الأوروبي الطبقي العنصري، سواء فيما ورد من تعابير عنصرية مقيته على ألسنة رموز الطبقة المهيمنة بحق عطيل (البربري العربي الأفريقي الأسود)، أو في عرض شخصية شايلوك التي قدمها باقتدار (حسن كحلوس). فخلافاً لما فعل شكسبير في (تاجر البندقية) حين أدان شخصية اليهودي، لكونه يهودياً. أدان العرض الاضطهاد العنصري الذي تعرض له اليهود في المجتمعات الأوربية، وهو ما أرادت أوروبا محوه من تاريخها الأسود بجريمة أكثر بشاعة حين دفعت يهودها المُضطَهدين لسلب بلاد آخرين وحقوقهم، وممارسة الاضطهاد العنصري ذاته عليهم، دون أن يكون للمضطهدين الفلسطينيين أي ذنب في الاضطهاد الذي تعرض له المُضطهَدين سابقاً، المضطهِدين لاحقاً وآنياً.

خمس عشرة شابة وشاب ملؤوا المسرح الدائري الذي يعتز باسم فواز الساجر طاقة خلاقة، وحيوية مدهشة، وكفاءة عالية. فلم يكن بينهن (بينهم) من لم يكن بحجم الشخصية، ومستوى المسؤولية، فأدوا حواراتهم الطويلة بكفاءة المحترفين، وأخضعوا ليونة أجسادهم وتعابيرها لاحتياجات العرض، فكان أن أمتعوا وأدهشوا: باسل عنيد (حفار القبور)، براء بدوي (ريتشارد)، تيما الفقير (الليدي ما كبث)، جعفر مصطفى (ياغو)، شيراز لوبية (الليدي آن)، عمر نور الدين (روميو)، فارس جنيد (الملك لير)، لانا الحلبي (جولييت)، مازن الحلبي (عطيل)، مراد انطاكية (كلاوديوس)، مرام اسماعيل (أوفيليا) ميرنا المير (ديزدمونة)، ورد عجيب (هاملت).

كم استغرق العرض؟ حقيقة لا أعرف فقد مضى الوقت سريعاً ومشوقاً رغم أنه عرض مسرحي يحدث في فضاء افتراضي وحيد. تبنى كل ممثل فيه الشخصية التي تقمصها بخطوطها الأساسية، وتفاصيلها الصغيرة. لم تنل من ثقتي بمهارتهم وكفاءة تدريبهم: المبارزات الصاخبة التي كانت تجري بحرارة مدهشة قريباً للغاية من مكان جلوسي في الصالة (لثقتي بهم وبأساتذتهم الذين دربوهم على المبارزات والقتال المسرحي: علاء زهر الدين وعلي اسماعيل).

حين شاهدت الجمع الهائل أمام باب المسرح تنازعني شعوران متعارضان. الأول أن كل هذا العدد الكبير قد جاء في اليوم التاسع ليحضر العرض. والثاني أن قسماً كبيراً منهم لن يتاح له الحضور، بحكم حجم المسرح، وطبيعة العرض التي تستوجب إقامته في هذا المكان تحديداً.

آخر الأخبار
كريستال بالاس يتوٰج بكأس الدرع الخيرية  لازيو والمهمة الصعبة في السكوديتو  فيرتز أفضل لاعب ألماني عام (2025)  تفعيل إجراءات نقل الملكية العقارية بدرعا مستشفى خيري في قلب حلب.. مبادرة إنسانية تعيد الأمل لآلاف المرضى ضمن برنامج "حاضنة الأعمال" اختيار المشاريع الأولى للرواد باراك: ملتزمون بمساعي تحقيق السلام والازدهار في سوريا الشيباني يبحث مع السفير الصيني المستجدات الإقليمية والعلاقات الثنائية البدء بترميم مدارس متضررة في درعا بدء قبول طلبات الاعتراض على نتائج شهادة التعليم الأساسي وقف استيراد الفروج المجمد.. مدير الدواجن يدعو لمراقبة السوق تعزيز العلاقات التجارية مع مجلس الأعمال السوري- الأميركي وزير المالية يطمئن.. الخبير عمر الحاج لـ"الثورة": تنشيط قطاع الكهرباء يحتاج تكاليف كبيرة إعادة تأهيل ست آبار.. وإزالة تعديات على خطوط المياه بدرعا مطاعم المزة.. نكهات باهظة في مدينة تتعافى ببطء بداية تعاف ونقطة قوة تسجل للحكومة.. جمعة حجازي لـ "الثورة": تحويل المحافظات المهمشة اقتصادياً لمراكز... "أمية" ينفض الغبار بانطلاقة جديدة.. مصطفى خطاب: نراهن على الجودة والسعر معاً رغم زيادة الرواتب.. أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة موازنة العام 2026.. رؤية مختلفة عن سابقاتها التمديد الحكمي في عقود الإيجار.. الأكثر أثارة للجدل مشروع القاضي طارق برنجكجي يعيد التوازن التشريعي