الملحق الثقافي- سعاد زاهر:
كيف انتقل إلينا الإبداع الإنساني…؟
ألم يحفظه التوثيق من الاندثار، ألا تبدو كلّ تلك النسخ الورقية الصفراء اليوم مخطوطات قيمة، وكلما أوغلت في القدم كان لها فرادة لا تضاهى.
اليوم لم يعد الورق وسيلة الأرشفة أو التوثيق الوحيدة، بل أضيف له الأرشفة الالكترونية ولكن كما للورق مخاطره من حيث تعرضه للتلف، أيضاً للأرشفة الإلكترونية مخاطر عديدة.
وما بين الأرشفتين نتعاطى حالياً مع تخبط يعاني منه بشكل خاص الأجيال التي تعاطت مع الورق، ولا يمكنها الانسلاخ عنه كلياً، إذا كانت الأرشفة على مستويات شخصية يمكن ألا نخاف من ضياعها، خاصة مع الحرص على الاحتفاظ بعدة نسخ منها وفي أمكنة متعددة، ولكن حين يتعلق الأمر بكل ما يمس التعاطي العام من قضايا وتأريخ لتلك القضايا حتى تبقى في متناول الأجيال القادمة، ألا يصبح حينها من الضروري أن تؤرشف أيضاً بطرق ورقية؟!
صحيح أن التوثيق الورقي مع مرور الوقت واندماجنا في التكنولوجيا يبدو كأننا نتعامل مع حالة تراثية، ولكن الحفاظ على الابداع الإنساني، والمخطوطات القيمة عبر آلاف السنوات يضعنا أمام سؤال، هل بإمكان التكنولوجيا أن تفعل ما فعلته تلك الأوراق…؟
أو أن الحكم سيترك للزمن، سواء اختلفنا أو اتفقنا على طريقة التوثيق، إلا أن المهم في الأمر أن نوثق، لأن التوثيق ذاكرة تؤرخ لحضارات لا يمكن للذهن البشري الاحتفاظ بها، إلا عبر تلك الوسائل المتجددة التي في نهاية الأمر إنما تحفظ لحضارات هي خلاصة الذهن البشري وتطوره، وما تلك الوثائق سوى الدليل المادي على الكيفية التي تطورت بها تلك الحضارات وكيف احتمت من غدر الزمن والبشر.
العدد 1147 – 13-6-2023