الثورة – دمشق – عادل عبد الله:
يجمع ملتقى دمشق للخلايا الجذعية الذي افتتح اليوم في شيراتون دمشق، بمناسبة مرور عامين على افتتاح المركز الوطني للخلايا الجذعية- حياة وبالتعاون مع اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان.. كبار الخبراء والباحثين والأطباء لمشاركة معارفهم وخبراتهم في مجال العلاج بالخلايا الجذعية من خلال سلسلة من الجلسات والعروض التقديمية، تكشف أحدث التطورات فيه، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها عند الأطفال والبالغين المصابين بأمراض مختلفة.
يقدم الملتقى الذي يعقده مركز الخلايا الجذعية، بمشاركة أطباء علماء، حسب ما أكدته رئيس اللجنة الوطنية السورية للتحكم بالسرطان أروى العظمة خلال الافتتاح، إضافات إلى ما تم تحقيقه لبناء هذا المركز الهام، وسنتابع فيه المزيد من الإنجازات العلمية الماهرة، التي تعني الكثير في حياتنا، بهدف إنشاء منصة للحوار والتعاون بين العلماء والأطباء لتطوير علاج مرضى السرطان، والنهوض بأبحاث الخلايا الجذعية في سورية، وتعزيز علاقات تعاون جديدة تساهم في نمو مجتمع الخلايا الجذعية.
وأوضحت أن المتلقى يشمل مجموعة متنوعة من الجلسات تتناول العلوم الأساسية للخلايا الجذعية، والخبرة المحلية من المركز الوطني للخلايا الجذعية في مستشفى الأطفال الجامعي، والجلسات السريرية، وجلسة من المخبر إلى سرير المريض وعرض حالات سريرية.
ولفتت الدكتورة العظمة إلى أن اللجنة الوطنية السورية للتحكم بالسرطان أنهت في أشهر عملها الأولى وضع الخطة الوطنية للتحكم بالسرطان التي تم اعتمادها من قبل مجلس الوزراء لتصبح فيما بعد المكون الأساس للبرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، وكان الهدف الرئيس للبرنامج الوصول لأن يكون العلاج متاحاً للجميع، دون استثناء، وفق أحدث المعايير العالمية لرفع نسب الشفاء وتقليل الوفيات.
وبينت أنه من أجل الوصول إلى هذا الهدف ضُمنت الخطة الوطنية ستة أهداف استراتيجية فيها، من خلال تعزيز الشراكات الاستراتيجية والفعالية التشريعية، وإنقاص نسب الحدوث من خلال الوقاية الأولية، وضمان التطوير في برامج مسح وكشف مبكر فعالة لإنقاص معدلات المصادفة والوفيات، وضمان التشخيص والعلاج الفعال لإنقاص معدلات الإمراض والوفيات بسبب السرطان، وتحسين جودة حياة مرضى السرطان وعائلاتهم من خلال الدعم والتأهيل والعلاج الملطف، وتحسين فعالية التحكم بالسرطان.
وسلطت الضوء بأن اللجنة الوطنية تعمل بشكل مستمر على تطوير الخطة بناء على الواقع والمتطلبات، ويجري تفعيل بنودها تدريجياً واختيار البنود الجديدة التي سيجري العمل عليها في بداية كل عام وفقاً لأولوياتها.
ونوهت الدكتورة العظمة بأن اللجنة حققت خلال سنوات أربع من عملها إنجازات كثيرة على صعيد الخطة الوطنية وذلك بالتنسيق والتشبيك مع جميع الجهات المعنية الحكومية والأهلية، حيث عملت على تطوير البنى التحتية وتأهيل الموارد البشرية في مرافق التشخيص والعلاج الموجودة حالياً جنباً إلى جنب مع تطوير بروتوكولات علاج وطنية بمعايير قياسية عالمية، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة مواكبة التطورات التشخيصية والعلاجية العالمية في جميع المؤسسات الصحية السورية، كما تعمل على التخطيط لافتتاح مراكز جديدة تخدم جميع مرضى السرطان لتتم تغطية كل المناطق الجغرافية في سورية بجميع خدمات التحكم به.
وأضافت أن اللجنة لمست من خلال عملها الحاجة الملحة لتطوير موارد بشرية جديدة، يتم تأهيلها للنهوض بواقع التحكم بالشكل الذي يلبي التطورات الحديثة، وبناء على ذلك عملت بالتنسيق مع كلية العلوم الصحية ووزارة التعليم العالي على افتتاح اختصاص تشخيص وعلاج شعاعي بمستوى إجازة ضمن كلية العلوم الصحية في جامعة دمشق، لتخريج فنيين قادرين على مواكبة التطورات العلمية والتقنية العالية، ويجري العمل حالياً على افتتاح اختصاص إجازة في إدارة المعلومات الصحية، وثلاثة ماجستيرات افتراضية في الإدارة الصحية والوبائيات والإحصاء الحيوي.
وفي مجال نشاط البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان في مجال الطفولة، لفتت الدكتورة العظمة إلى أن الطفولة تعنينا كثيراً في البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، ومن أجل ذلك تمنح أقصى ما يمكن من عناية- ومهما بلغ الثمن- إذ لا ثمن أغلى من حياة طفل يحتاج إلى علاج، وفي هذا المجال تم إنشاء وتجهيز جناح بسمة الجديد في مستشفى البيروني الجامعي تحت تسمية “توسعة بسمة الأولى” التي افتتحت في آذار 2021 لترتفع الطاقة الاستيعابية لها من 20 – 40% في جميع أطفال السرطان في سورية.
مدير المركز الوطني للخلايا الجذعية- حياة، الدكتور ماجد خضر لفت إلى ضرورة وأهمية تخفيض نسب الوفيات عند الأطفال، بابتكار علاجات وتقنيات حديثة ومستجدة ومن هنا دخلت تقنية زرع الخلايا الجذعية كقيمة مضافة للعلاجات التقليدية والشعاعية والكيميائية والمناعية لتحسين نسب الشفاء في كثير من الأمراض، مبيناً أن هذه التقنية لا يقتصر مجالها على مرضى السرطان الذي يشكل السبب الأول للوفاة عند الأطفال، بل تعداها لمجالات كثيرة، ويتوقع لها أن تحدث ثورة علمية هامة ومستجدة سوف تغير مفاهيمنا الطبية الحالية ويجيب علينا متابعة المستجدات والتحولات المستقبلية السريعة جداً.
وأكد أن أبحاث الخلايا الجذعية القادرة على التحول إلى شكل من أشكال الخلايا وإعادة ترميم الخلايا التالفة أو الهرمة، أو حتى تصنيع أعضاء تتوافق مع الشيفرة الوراثية الذاتية من قلب إلى كبد إلى نخاع، وقد نشهد في المستقبل مراكز لإعادة ترميم الخلايا الشائخة، أو حتى بنوك للأعضاء البشرية الخاصة لكل شخص أشبه بقطع الغيار للأجهزة والمحركات، ولم تعد هذه الأفكار محض خيال بل أقرب إلى الحقيقة.. وفوق كل ذي علم عليم.
وأضاف الدكتور خضر أن افتتاح الملتقى الأول للخلايا الجذعية بمناسبة مرور عامين لافتتاح المركز الوطني للخلايا الجذعية- حياة، يشكل علامة بارزة وفارقة وفرصة حقيقية لتبادل المعرفة والخبرات بين الأطباء الاختصاصيين والباحثين في مجال الخلايا الجذعية، بهدف تحسين نتائج العلاج للمرضى، والنهوض بأبحاث الخلايا الجذعية في بلدنا ودول المنطقة.
ونوه بأنه بالرغم من الحرب الإرهابية المدمرة على بلدنا والحصار الجائر والعقوبات اللاأخلاقية واللاشرعية على شعبنا وبلدنا، أولت القيادة السياسية اهتماماً كبيراً في هذا المجال والذي تمثل برعاية مباشرة ودعم ومتابعة مستمرين من قبل السيدة الأولى أسماء الأسد، حيث تم إنشاء المركز وتجهيزه بأحدث التقنيات والتجهيزات ليضاهي المراكز العالمية في هذا المجال، حيث انطلق العمل في المركز في الشهر السابع من عام 2021 ليقدم خدماته مجاناً لجميع أطفال سورية، المحتاجين لإجراء عمليات الزرع، وبالرغم من التكاليف الباهظة والصعوبات الكبيرة في تأمين مستلزمات العمل.
وأوضح الدكتور خضر أنه تم إنجاز 25 عملية زرع بنوعيه الذاتي والغيري، مع نتائج ممتازة، تماثل النتائج العالمية، آملين زيادة العمليات مستقبلاً، مؤمنون بمقولة سيد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد “الأمل بالعلم والعمل” وبمقولة السيدة الأولى “أنه لا شيء مستحيل بوجود الإصرار والعزيمة وتضافر الجهود”.
رئيس الرابطة السورية لأطباء الأورام الدكتورة مها مناشي، أكدت أن البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان نقل واقع مرض السرطان من حيز ضيق إلى أفق لا متناهٍ من الأمل للمجتمع والمرضى والأطفال، وأن الملتقى ينعقد اليوم بعد عامين من الإنجاز الطبي الذي جمع العلم بأعلى مستوياته، والكوادر الطبية الوطنية والإرادة، لتمنح أطفال سورية أملاً كان بصيصاً وأصبح نوراً ساطعاً أعلن بداية حياة جديدة، ولدت من رحم موت كان محكوماً بتشخيص سرطان أو مرض وراثي.
ولفتت إلى أن رابطة الأورام السورية تتشرف بأطبائها واختصاصاتهم الدقيقة النوعية والعاملين بمختلف الجهات المعنية بالسرطان، أن تكون جزءاً من الملتقى الهام، وقد رفدت البرنامج بمحاضرين متميزين وباحثين من سورية وخارجها بخبراتهم النوعية في الخلايا الجذعية، مشيرة إلى أنه لا شك أنه تطورت العلوم الطبية الورمية بقفزات هائلة شملت تعديل الجينوم وتحديد الطفرات المسببة للأورام، تطور التقانات الدوائية النوعية، بعيداً عن العلاج الكيميائي، تعديل الخلية البشرية في مناورات علاجية، ومنها نقل حياة تجسدت في الخلية الجذعية الدموية من إنسان لآخر ومن طفل لآخر، باستطبابات أنقذت الألوف من الناس.
المدير الطبي لجمعية بسمة لسرطان الأطفال الدكتور خالد غانم أوضح أنه تم اختيار عنوان المشروع الذي نجتمع اليوم بذكرى اكتمال عامه الثاني –حياة- لأن هدفه منح الحياة للأطفال المصابين والمساعدة على الشفاء، وبما أن الحياة لا معنى لها من دون البسمة، كان لمشروع جمعية بسمة الذي أكمل هذه السنة عامه السابع عشر شرف الشراكة مع حياة منذ الانطلاقة.
وأشار إلى أن جمعية بسمة منذ التأسيس قدمت خدمات متنوعة لأكثر من تسعة آلاف طفل، وأكثر من ألفين وخمسمئة خدمة متكاملة في وحدة بسمة التخصصية بمستشفى البيروني الجامعي بدمشق، ولفت إلى أنه عندما بدأ مشروع إعادة تأهيل وتفعيل مركز –حياة- بمستشفى الأطفال الجامعي بدمشق كان لبسمة فرصة الشراكة في جوانب متعددة، تتمثل بتوفير العلاج المناسب للأطفال المصابين بالسرطان لتحقيق جسر عبور لهم آمن للوصول إلى مركز حياة في حالة رجوع من المرض، إضافة إلى الدعم المادي لتأمين المستلزمات الدوائية في بروتوكولات زرع نقي العظام الذاتي.
ومع اكتمال عامه الثاني على افتتاح مركز حياة، فإن بسمة وحياة مشروعان بروح واحدة.. مشروعان بدعم كريم من السيدة الأولى، روح هذين المشروعين تتطلع إلى نجاة الأطفال من الأمراض المستعصية ودعمهم وأهاليهم لتلقي العلاج الطبي المتقدم بكرامة وبأقل ما يمكن من الضغوط النفسية والاجتماعية.