أن نتقن ثقافة الفرح ونسعى إلى تحقيقها، هذا إنجاز حقيقي في عالم الثقافة والفكر، فكيف إذا كانت هذه الثقافة تتوجه إلى الطفولة في مهرجان بات عرفاً سنوياً تقوم به مديرية المسارح والموسيقا، لتنثر عبق الفرح من خلال مسارحها جميعها التي تنتشر في المحافظات ،وتستقطب الأطفال وأسرهم في أنشطة مدروسة تكرس قيم الخير والمحبة والتسامح، ناهيك عن هذه الأجواء التي تخلقها وهذا التفاعل بين كادر المسرح وما يطرحونه من رسائل، وبين مشاعرهم التي تستقبل لحظات الفرح بقلب مفعم بالحبّ.
لطالما كان للمسرح دوره الاجتماعي والثقافي والفكري، ويستطيع من خلال طروحاته الهادفة أن يعيد تشكيل الذائقة لدى المتلقي وخصوصاً في ظلّ هذا الانفتاح على العالم الافتراضي وصفحاته الزرقاء التي تحاول في بعضها أن تدس السم في الدسم، ما ينعكس بشكل سلبي على أطفالنا، الذين لم يشعروا الفرح في ظلّ مرحلة الحرب الظالمة التي شنّت على بلادنا.
وعندما تستثمر مديرية المسارح والموسيقا مناسبة العيد لتنثر ابتسامات الفرح بين الأطفال، فهذا يؤكد أن ثمة خطّة ونهجاً يستهدف هذه الشريحة الهامة من الأطفال لتمنحهم جرعة من الفرح ولتزرع قيم المحبة والخير وتنبذ الأنانية والحقد، وتعزيز الكثير من السلوكيات الصحيحة بأسلوب ممتع ولطيف، وتوجيه رسائل تربوية للأهل في طريقة تقديم القيم عبر الحكاية الهادفة والأسلوب الشائق الذي يجذب الطفل.
من مهرجان الفرح الذي امتد على مساحة القطر جميعه، حبذا لو ننطلق إلى تكريس مفهوم المسرح في المدارس والمعاهد والسعي ليكون حصة تعليمية أساسية، ووسيلة هادفة، وخصوصاً فيما يتعلق بالاهتمام باللغة العربية وإتقانها عبر نصوص مكتوبة بلغة سهلة تتناسب مع مرحلة الطفولة، لتستقر هذه اللغة في روحه وعقله، كونها تشكّل المكوّن الأساس لانتمائه لأبناء جلدته ولعروبته.
ولا يمكن إلا أن نبارك تلك الجهود التي تعمل وتبني وتؤسس لأجيال واعية، عبر قنوات كثيرة، ولكن يبقى للمسرح مرتبة الصدارة، لأنه المكان الذي يلتقي به جمهور الأطفال مع أبطاله ورموزه، يتفاعل معهم، يحاكيهم، وينهل من معينهم نسغ الحياة.