لم يبق إلا الحرائق حتى تكون الأثافي الثلاث قد داهمتنا في هذا الصيف الذي يبدو أنه دخل بقوة وعلى كل المستويات المناخية والخدمية على حد سواء، في موسم يسمى “مجازاً” موسماً سياحياً، في حين لا يتوافر من مقوماته الخدمية من كهرباء وماء شيء.
ولعل ما تشهده محافظة اللاذقية من تردٍّ خدمي يشكل نقطة تحول في مدى التراجع الذي تشهده الخدمات على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص في تلك المحافظة التي يقصدها الكثير في فصل الصيف، وإن كان هناك من مثال واضح صريح على ذلك فهي مدينة جبلة التي يبدو أنها تجاوزت المثل العربي المتعلق بالأثافي، لتضيف إليها أثفيّة رابعة (أي حجر رابع) فبعد الزلزال وقلة المحروقات تم قطع الكهرباء لمدة قاربت الأيام الثلاثة، وأخيراً ليومين اثنين من دون مياه.. إلا ما رحم ربّي.
ولعل السؤال الأهم هنا: لماذا البعض يتمتع بهذه الخدمات، والبعض الآخر محروم منها، والمسافة بينهما تتراوح بين الكيلومترات في حالات وعشرات الأمتار في حالات أخرى..!
لا يمكن لأحد فهم هذه المعادلة، ولا يمكن له كذلك أن يجد لها تبريراً ولا سيما أنها مدينة ضمت كما محافظة اللاذقية الكثير من المهجرين بفعل الإرهاب من محافظات أخرى، ولكن لم ينسج المعنيون بالخدمات فيها على المنوال ذاته، فبعد توقعات بأن يكون نصيبها من الخدمات أعلى من غيرها لخدمة كل من استوعبته المدينة بمقدار مثليّ عدد سكانها، أضحت النتيجة تراجع خدماتها إلى ما دون غيرها، بل ما دون خدماتها قبل سنة واحدة مثلاً!
لا بد من حل لا يقتصر على الاجتماعات واللجان والتوصيات، التي تحتاج بدورها إلى لجان متابعة لإقرارها ومن ثم لجان منبثقة عن اللجان لتنفيذها، بل الأمر يحتاج إلى عمل ميداني حقيقي ليس من مدير عام أو محافظ فقط، بل من الوزارات المعنية بشكل مباشر.
أما الأطرف في حالتنا هذه فهي الخدمات المالية فيها، فإن توجه المواطن لتسديد رسم أو ضريبة يُقال له الأجهزة لا تعمل لغياب الكهرباء والمولدات لا تعمل لغياب المحروقات، وبعد توافرها تكون مدة السداد قد انقضت وبات المواطن مثقلاً بالغرامة المفروضة على مثل هذه الحالة.
في القانون قاعدة ذهبية تعادل في ثقلها قاعدة العقد، ولكونه شريعة المتعاقدين تقول: لا يتحمل الفرد خطأ الإدارة.. وهنا من يتحمل عقابيل هذا الخطأ؟!