الثورة – دمشق – عادل عبد الله:
يشكل الأطفال في أي مجتمع منطلق نجاح وقوة وتعافي وسلامة هذا المجتمع، لأنهم مستقبله البشري، ولذلك كان العمل دائماً مع تلك الشريحة على أكثر من إنجاز ومسار، ولأن صحة أطفال سورية هي تحد كبير يواجه بتخطيط وتدبير، وبعمل متكامل تسخر له جهود رسمية وأهلية ومنظمات وجمعيات مدنية وخبراء وأطباء وبدعم كبير من السيدة الأولى أسماء الأسد.. كان البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة هو الأداة التي يتم السعي من خلالها لسد أحد الفجوات من خلال ضمان حصول كل مولود جديد في سورية على فرصة إجراء المسح السمعي ثم التشخيص والتدخل الطبي عند الحاجة.
آمن وسهل ومجاني..
وفي إطار ذلك بين معاون وزير الصحة- عضو البرنامج الوطني للكشف المبكر والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة الدكتور أحمد ضميرية لـ “الثورة” أن البرنامج يعمل على ضمان المسح والكشف المبكر لنقص السمع لدى حديثي الولادة في الجمهورية العربية السورية في جميع المحافظات، بحيث يحصل كل المواليد الجدد على هذا التشخيص الضروري لمستقبل حياتهم أينما كانوا في سورية وكيفما كانت ظروفهم.
ولفت إلى أنه سيتم قريباً إطلاق البرنامج الوطني للكشف المبكر والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، وذلك للحد من آثار نقص السمع المحتمل ووجوده لدى جزء من حديثي الولادة، ومنح جميع الأطفال في سورية مستقبلاً في فرص متساوية للنمو السليم والانطلاق في حياتهم وتشكل شخصيتهم الطبيعية دونما عوائق ومشكلات في السمع والنطق والتعبير.
ونوه الدكتور ضميرية بأهمية الكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، ومن مبدأ الوقاية خير من قنطار علاج، لافتاً إلى أنه سهل وآمن ومجاني، مشيراً إلى أنه من بين كل 1000 طفل يولد قد يكون 30 منهم لديهم مشكلة في السمع، وأن 60% من هؤلاء الأطفال قابل للوقاية من نقص السمع من خلال الكشف المبكر، حيث تعمل الدولة على هذا الأمر ضمن فريق خبراء وآلية للعمل ووفق نظام مركز ومصنف، ومن خلال تحديد أماكن وعيادات وعلاج بأيدي كوادر مدربة ومؤهلة وأجهزة متطورة.
ونوه الدكتور ضميرية بأهمية دور الإعلام من خلال رفع السوية التثقيفية الصحية لدى المواطنين، وأن الإعلاميين صلة الوصل بين وزارة الصحة والمعنيين بالشأن الصحي والمواطن المستهدف بالخدمة الصحية، فالمواطن خلال حياته يتلقى الكثير من الخدمات والرعاية الطبية.
قابل للتدبير
نائب عميد كلية العلوم الصحية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي- طبيب أذن أنف حنجرة – رئيس قسم السمعيات- الدكتور سامر محسن عضو البرنامج الوطني للكشف المبكر والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، أوضح أن نقص السمع يعتبر من أشيع الاضطرابات التي تصيب الإنسان في جميع المراحل العمرية، وعند الكشف المبكر والوقاية يمكن تغيير الحياة بشكل كامل للطفل والمجتمع، وعند إهماله تكون النتائج كارثية، لأن السمع نافذة اللغة والتواصل وهو مفتاح تعلم اللغة المنطوقة، ومهم للنمو المعرفي للأطفال.
ولفت إلى أنه لا يوجد نقص سمع غير قابل للتدبير في حال اكتشافه بالوقت المناسب، ويعتبر نقص السمع من الاضطرابات التي تصيب الإنسان في جميع المراحل العمرية، وانطلاقاً من أهمية حاسة السمع في تطور الطفل لغوياً ومعرفياً واجتماعياً، تبرز أهمية كشف نقص السمع في أقرب فترة ممكنة بعد حدوثه وهذا يشكل المفهوم الحقيقي للكشف المبكر عن نقص السمع والذي يتم من خلال برامج المسح السمعي.
وبين الدكتور محسن أن مفهومنا اليوم عن نقص السمع يختلف تماماً عن ذي قبل، ويعود الفضل في ذلك إلى تطور التكنولوجيا وفهم مبدأ المرونة العصبية، مؤكداً أن برامج التأهيل السمعي الصحيحة تمكن من تحويل الطفل المصاب بنقص سمع شديد أو عميق إلى طفل أقرب للسمع الطبيعي وبالتالي ضمان تطور طبيعي لغوي ومعرفي واجتماعي لهذا الطفل، ويعتبر الزمن هو العامل الأساس في نجاح برامج التأهيل السمعي ويتمثل ذلك بكشف وتدبير نقص السمع فور حدوثه.
وأكد أنه أصبح اليوم من الممكن تشخيص نقص السمع الحديث الوقوع في أي مرحلة عمرية يحدث فيها وقبل مرور فترة طويلة على الحرمان السمعي، مبيناً أن برامج الكشف المبكر عن نقص السمع تشمل العديد من الخطط والتي تعنى بفئات عمرية معينة أو فئات عالية الخطورة وتحمل العناوين التالية: المسح السمعي للمواليد ، فحص الأذن والسمع في مرحلة ما قبل المدرسة، فحص الأذن والسمع في مرحلة المدرسة، المسح السمعي عند المجموعات المهنية عالية الخطورة للبالغين، والفحص السمعي المنتظم للمتقدمين في السن.
وفي إطار برامج الكشف والتدخل المبكر لنقص السمع لفت الدكتور محسن إلى أنه خلال السنوات السابقة ظهر توجه عالمي كبير جداً لأهمية الكشف المبكر عن نقص السمع، مؤكداً أن المسح الشامل للوليد يعتبر عماداً أساسياً لأي برامج ومشاريع وحتى ممارسات فردية لاحقة تهدف إلى تدبير وتأهيل نقص السمع، وهو الضمانة الأكيدة لكشف جميع حالات نقص السمع في مرحلة الوليد وتأهيلها بشكل يضمن تطور طبيعي للطفل ويصبح فردا فاعلا بالمجتمع بفرص متكافئة مع أقرانه.
تطور طبيعي للطفل
مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة الدكتورة رزان الطرابيشي- عضو البرنامج الوطني للكشف المبكر والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، لفتت إلى أن مرض نقص السمع الخلقي مرض صامت وخفي, ويشكل ما نسبته 1-4 لكل ألف ولادة حية، وترتفع النسبة 10 أضعاف بوجود عوامل خطورة مثل القبول في العناية المشددة, ونقص الأكسجة حول الولادة, والانتانات داخل الرحم وبعد الولادة.
وأكدت أنه في حال الكشف المبكر عن نقص السمع قبل عمر 3 أشهر فإن التدخل المناسب المبكر سيقود في أغلب الحالات إلى تطور طبيعي أو قريب من الطبيعي للطفل بالمقارنة مع قرينه من نفس العمر، وأن نقص السمع يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة والكشف المبكر عنه يؤدي إلى تجاوزها.
وعن مبررات تحديد الفئة المستهدفة “بحديثي الولادة” أوضحت الدكتورة الطرابيشي أنه تم اختيار مرحلة الوليد لانطلاقة المسح السمعي الشامل لكون نقص السمع الولادي من أكثر العوامل الصامتة المسببة للإعاقة الخفية وما ينتج عنها من عقابيل، ووجود اختبار ماسح غير مكلف وآمن وسهل الإجراء يمكن من كشف نقص السمع منذ الولادة.
كما أن الكشف المبكر يقود بالضرورة للتدخل المبكر وبالتالي الوقاية من العقابيل الشديدة لنقص السمع وضمان تطور طبيعي للطفل مشابه لأقرانه، والأثر الذي يتركه الكشف المبكر عن نقص السمع وإتاحة الفرصة للتدخل المبكر يفوق أي صعوبات أو تحديات يمكن أن تصادف البرنامج.
وسلطت الضوء أنه يتم تقديم خدمات الكشف (مسح وتشخيص) ضمن مراكز عديدة، يلتزم القائمون على البرنامج بتقديم خدمات المسح والتشخيص بجودة عالية/وفق المعايير المُعتمدة في وزارة الصحة والمتوافقة مع المعايير العالمية، بحيث يتم تقديم مسح مجاني وآمن وسهل الإجراء يمكن من كشف نقص السمع منذ الولادة لجميع المواليد، تقديم الخدمة في مراكز مجهزة منتشرة على كامل مساحة الجغرافية السورية، وتقديم الخدمة من قبل كوادر مختصة ومدربة على تقديم خدمات المسح والتشخيص، ومنح فرص مُتساوية لجميع الأطفال في سورية للحصول على خدمات الكشف المبكر وبالتالي التدخل المُبكر.