الثورة – ترجمة رشا غانم:
الشعور بالذعر من شراء الأرز في بعض البلدان التي تعتمد على الواردات من أجل الغذاء- بعد أن علقت الهند وروسيا والإمارات العربية المتحدة مؤخراً صادراتها من الأرز- هو تذكير حاد بمدى حساسية حالة الأمن الغذائي العالمي، وعلى الرغم من وجود أسباب جوية – أمطار موسمية غزيرة تسبب خسائر فادحة في المحاصيل في الهند- يجب معرفة الأسباب الجيوسياسية على ذلك.
فكما كان متوقعاً، يعزو الغرب نقص الغذاء الذي يلوح في الأفق في جميع أنحاء العالم إلى روسيا، بعد أن رفضت موسكو تجديد مبادرة حبوب البحر الأسود في 17 تموز الفائت، وهو اليوم الذي انتهت فيه الصفقة لمدة عام واحد، حيث يتم اتهام روسيا بفرض حصار فني على صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وحث بعض الاقتصادات المتقدمة على تشكيل منظمة من نوع الناتو في إنتاج الحبوب وتجارتها رداً على ذلك.
هذا الاتهام غير عادل، وهذا الاقتراح سخيف، فبادئ ذي بدء، فشل الغرب في الوفاء بوعده بتحرير الصادرات الزراعية الروسية التي منعتها عقوباته، فعلى الرغم من أن صادرات روسيا من المواد الغذائية والأسمدة لا تخضع للعقوبات، إلا أن قيود الغرب المتعلقة بالعقوبات على الخدمات المصرفية والعبور والتأمين في روسيا تجعل تجارتها في المنتجات الزراعية غير مقبولة، فلا ينبغي للغرب أن يجبر الدول الأقل تقدماً، ومعظمها في إفريقيا، على دفع ثمن هجومه بالوكالة عن أوكرانيا ضد روسيا.
إنّ الأمم المتحدة ملزمة بعقد اجتماعات طارئة بشأن تمديد مبادرة حبوب البحر الأسود لجعلها تعكس نداءات الجانبين المتصارعين بطريقة أكثر توازناً، وذلك أمر حاسم لمنع استغلال المبادرة التي اتخذت أصلاً للتقليل إلى أدنى حد من آثار أزمة أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي كجزء جديد من الصراع، هذا في الواقع ما كان ينبغي على الدول المسؤولة فعله حتى قبل أن تشير موسكو إلى نيتها الانسحاب من المبادرة، إنه لأمر مؤسف أن أياً من الدول الغربية لم تبد أي اهتمام بفعل ذلك، فالصمت المدروس لهذه الدول بشأن شكوى موسكو من أن عقوباتها الشاملة قد أثرت على صادرات الغذاء الروسية هو علامة واضحة على أن دعاة العقوبة يدركون جيداً أن القنوات الخضراء التي فتحوها لتجارة الحبوب الروسية كانت فقط لمنع أي انتقادات قد تطولهم، إنهم لا يريدون أن يتحملوا المسؤولية عن أزمة الغذاء بسبب أفعالهم في التحريض وإطالة أمد الصراع في أوكرانيا، ومع ذلك، كلما زاد العبء الأخلاقي الذي يحاولون إلقاءه على عاتق روسيا، كلما خضعت أفعالهم للتدقيق.
تهيمن الشركات الزراعية والغذائية في الغرب بالفعل على سوق الحبوب العالمية وصناعة الأغذية، وإذا سُمح للدول المتقدمة بالمضي قدماً لتشكيل حلف شمال الأطلسي، فسوف تفرغ بشكل فعال هيئات الغذاء العالمية مثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وعند القيام بذلك، سيكتسبون السيطرة على الصناعات والتكنولوجيات المتصلة بالغذاء فضلاً عن آليات صنع السياسات واتخاذ القرارات المتصلة بالأمن الغذائي العالمي، فإن مسؤولية الغرب عن نقص الغذاء العالمي واضحة وبشعة وقاسية.
المصدر – تشاينا ديلي