أوجد الفلاح لنفسه خيارات وأصنافا بديلة، وهجر زراعات تقليدية كانت مصدر رزقه لعقود طويلة من الزمن.
معيار التحول كان اقتصادياً بالدرجة الأولى، لجهة العائد الأفضل أولاً و المستلزمات “النفقات” ثانياً، والنتيجة أن روزنامة الزراعة تبددت وتبعثرت، بطريقة ارتجالية لم يستشف أحد موقف أو رؤية محددة لوزارة الزراعة بشأنها وهي صاحبة الاختصاص والخبرة المفترضة، والمسؤولية في إدارة أهم قطاع باقٍ في مكونات الاقتصاد المحلي.
الفلاح محق – كل الحق – في البحث عن استثمار أمثل لأرضه، لكن على المستوى الكلي أصبح المشهد الزراعي في البلد حافلاً بالمتغيرات على مستوى البنية، ولم يعد التوزيع الأفقي لزراعة الأصناف منضبطاً، بدليل الفائض حتى الكساد في صنف ما تارة، والنقص حتى الحاجة للاستيراد في صنف آخر، وهذه مشكلة تتكرر سنوياً، وأيضاً لم يرشح شيء عن وزارة الزراعة حول خطتها التنظيمية التي نسميها الخطة الزراعية لضمان الكفاية من كافة المحاصيل.
حقيقة خرجت أصناف متعددة من المشهد الزراعي، أو على وشك الخروج، بعضها كان مصنّفا استراتيجياً، مثل القطن والشوندر السكري، والمتغير هنا قسري يتعلق بالحاجة إلى المياه ومستلزمات الري، وكانت زراعة التبغ البديل الجاهز، وهذا يعني أن بنية صناعية كبيرة ستنهار بسبب عدم زراعة المادة الأولية، ولسنا بحاجة لشرح أزمة قطاع الصناعات النسيجية حالياً.
متوالية تغيير الأصناف والبحث عن بدائل زراعية اقتصادية مازالت مستمرة، فهل ستترك وزارة زراعتنا الأمر للارتجال أم ستحاول بخبراتها وخبرائها إعادة تشكيل الروزنامة الزراعية في البلاد..؟
هناك أصناف بالفعل لم تعد صالحة للزراعة في بلدنا بسبب متغيرات معظمها مناخية، فما هي البدائل التي ستوجدها الوزارة وتنصح بها الفلاح؟
كيف ستعيد تخطيط القطاع وتنظيمه أفقياً وفق أولويات مناطقية حسب ميزات ومقومات كل منطقة؟
أي الزراعات يجب أن تكون للكفاية المحلية وأيها ستكون للتصدير؟
هل سنبقى مغتبطين بتصدير الماء على شكل بندورة، أم سننتبه ونجد للفلاح خياراً آخر يحقق له العائد المماثل؟..بالمناسبة بدأ بعض فلاحي السهل الساحلي بزراعة الورد من أجل التصدير، وإنتاجهم مسوّق سلفاً من قبل متخصصين لكن لانعلم تفاصيل عن وجهة التصدير، وهل يصدر بمنشأ سوري أم بشهادات منشأ دولة ما من دول الجوار، ونرجو ألا نكون نحن من يخبر وزارة الزراعة بهذه التفاصيل التي يجب ألا تكون خافية عنها.
ننتظر أن نسمع أو نقرأ قريباً عن خطة لدى الوزارة لتنظيم القطاع، لأن الفلاح سبقها في رؤيته الاستراتيجية ولايجوز أن تبقى بكوادرها الخبيرة تتفرج..على الأقل كي تبقى قائدة القطاع كما هي صورتها في الأذهان.
نهى علي