“العائلة” آخر طوق نجاة.. والمثلية حرب ملونة تهدد مفهومها

د. مازن سليم خضور :
“باربي” في الأصل كانت رمزاً للطفولة والجمال منذ أن صممت في العام (1959) تتباهى بالحصول عليها الفتيات الصغيرات، إلا أن هذا المفهوم انقلب وتغير وهذا ما شاهدناه من منع الفيلم في العديد من الدول بسبب ما يروجه ومخالفته الآداب العامة!
تبدل في المفاهيم الحاصلة والاستغلال الممنهج لكل ما هو جميل في الفكر والتاريخ والذاكرة والطبيعة حول موضوع “المثلية”.. ويمكن وضع هذا التعويم الممنهج والذي وصل حد الإلزام بهدف خلق بيئة تحرض على المثلية في المدارس والمجتمع، ضمن خطة تستهدف مفهوم “العائلة” وبنيتها والتي تُعد الحامل الوحيد المتبقي للمجتمعات، وعند ضرب هذا المفهوم يمكن للسياسة أن تحدد مسار المجتمعات وفق خطتها ومصالحها.
يلومنا البعض إن تحدثنا عن موضوع كان يسمى قبل وقت قصير أنه من المحرمات والتابوهات، لكن مع اختلاف المعايير فقد أصبح الحديث عنه معيارا من معايير الحضارة والتقدم والانفتاح ضمن مقاييس الليبرالية الحديثة ألا وهو (المثلية)!
يقول الخبر في صحيفة “ذا تايمز” البريطانية أن الجيش البريطاني يبحث استبدال تسميات بعض الرتب العسكرية من قبيل “القناص والحرس” بمسميات “محايدة جنسياً، مراعاة لمشاعر المثليين والمتحولين من العسكريين.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية سئل شخص يرغب في الهجرة منها عن سبب الهجرة فأجاب أن السبب هو “الشذوذ الجنسي” ليثير هذا الجواب الاستغراب والذهول للحضور قبل أن يستطرد ويوضح ما الذي يقصده بقوله: إن عقوبة الشذوذ قبل ثلاثمئة عام كانت الإعدام شنقاً أو غرقاً وقبل عشرين عاما كانت غرامة مئتي جنيه وسجن لمدة عامين، لذا سيهاجر قبل أن يجعلوا الشذوذ إجبارياً!.
يظهر هذا التدرج في التعاطي مع هذا الموضوع سياسة الولايات المتحدة في دعم هذه الفكرة وترويجها بطريقة تثير مجموعة من التساؤلات عن سبب ذلك؟
هذه السياسة لا تقتصر على الولايات المتحدة بل الغرب بشكل عام وليس ببعيد ما حصل في مونديال قطر والزوبعة التي أثيرت في دعم هذه الفكرة من قبل مجموعة من الدول الأوروبية وحمل شارة الكابتن الملونة بألوان تشير وتدل على ما يسمى مجتمع (الميم) مستغلة المادة 19 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” (الذي حدد لأول مرة الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الجميع والتي تحمي حق كل شخص في التعبير عن نفسه بحرية!.
حتى عندما تم منع حمل هذه الشارة من قبل المعنيين عمدت وزيرة الداخلية الألمانية إلى ارتداء شارة “حب واحد” للتعبير عن دعمها للمثليين، خلال حضورها المباراة الافتتاحية لمنتخب بلادها أمام اليابان في كأس العالم بقطر!
إذا علينا أن لا نختبئ وراء إصبعنا بتجاهل موضوع أصبح مستشريا عبر وسائل الإعلام وفي الرياضة والسياسة وعلى أرض الواقع، حتى أصبحنا في مرحلة يعاب علينا إن رفضنا أو حتى عبرنا عن رأينا في هذا الموضوع وهو المثلية أو مجتمع الميم .. أي الانجذاب العاطفي من قبل شخص لشخص آخر من نفس الجنس!
لطالما كانت الفطرة البشرية مبنية على مجموعة من البديهيات والقواعد ويتخللها بعض الاستثناءات التي تكون مرفوضة ومنبوذة من قبل المجتمع والدين لكن أن تصبح الاستثناء والقاعدة الشاذة هي الحالة (الطبيعية) التي يتم ترويجها فهذا أمر لا يعقل ولا يصح تحت أي مسمى وأي ذريعة.
في هذا المقال سنحاول الإضاءة على هذا الموضوع ومعرفة الرأي الديني والطبي وأسباب هذه الظاهرة.
منظمات حقوق الإنسان تعتبر أن المثلية الجنسية طبيعية! وبالتالي طالما أنها طبيعية فهي غير مرضية لاسيما أنها موجودة في تاريخ البشرية منذ القدم، ولا تقتصر على عالم الإنسان بل موجودة في عالم الحيوان، لذلك شرّعت الكثير من الدول في العالم زواج المثليين من بعضهم البعض وأعطتهم الحقوق في مخالفة لمبدأ العقل والمنطق والأديان السماوية!
تعددت الدراسات والأبحاث التي تحدثت عن أسباب هذه الظاهرة واختلفت وتضمنت أسباباً نفسية، واجتماعية وبيئية وعاطفية، وأيضاً بيولوجية وهرمونية ولكنها لم تحسم سببا رئيسيا بشكل عام وموثق.
أسبابها البيولوجية
البعض رأى أن هذه الفئة لديهم جين يحدد لهم هذا التوجه الجنسي الشاذ، ولكن إن وجود هذا الجين هو أمر غير موثق وغير مثبت علمياً إلى الآن.

أما أصحاب النظرية النفسية لهذه الظاهرة فسرتها أن هناك أسبابا في الطفولة المبكرة قد تؤدي إلى تكون عقدة لدى الفرد تجاه الجنس الآخر، مثل العلاقة السيئة ما بين الابن و الأم أو الابنة و الأب ورفض أحد الوالدين لأفراد الجنس المشابه، كذلك فقدان الطفل لأحد الوالدين، مما قد يؤدي إلى بحث الولد أو البنت عن الجنس المشابه في الحياة المتأخرة للتعويض عن فقدان الأب أو الأم، بينما فسر أصحاب النظرية البيئية والاجتماعية لهذه الظاهرة في البداية تعرف أي ظاهرة بأنها نتاج تأثير شخص أو مجتمع أو جماعة على شخص آخر، حيث يؤكد إميل دوركهايم إن الظاهرة الاجتماعية تركيب خاص ينشأ من الفعل ورد الفعل بين ضمير الفرد من جهة وبين العقل الجمعي من جهة أخرى، فهي ليست من صنع فرد من الأفراد، ولكنها من صنع المجتمع، وتلعب العوامل الاجتماعية والبيئية دوراً كبيراً فيها مثل العادات والتقاليد التي تفرض نمطا معينا تولد نوعاً من الكبت الجنسي الذي يفرغ عن طريق نفس الجنس، وهذا ما أكدته بعض الدراسات التي تقول إن المثلية الجنسية في البيئة الذكورية أو الأنثوية الصافية جعل من البديهي النظر إلى الكبت الجنسي كعامل من عوامل المثلية الجنسية.
الإعلام والمثلية وهنا الخطورة..
الطفولة ھي حجر الأساس في اكتساب المهارات والخبرات، حیث یكون الطفل سھل الانقياد سريع التأثر، وبالتالي یستطیع المرسل للمهارات توجیهه كيفما أراد فكيف إذا كان المرسل هو الإعلام بإبهار بصري مدهش بالنسبة للطفل ومن خلال البرامج والأفلام الكرتونية للأطفال التي بدأت من خلال شركة ديزني مؤخراً بتقديم أول شخصية كرتونية شاذة جنسياً، كذلك الترويج لهذا الموضوع من خلال شخصيات كرتونية محببة عند الأطفال، أيضاً قيام العديد من القنوات التلفزيونية التي تستهدف شريحة الأطفال بتغيير ألوان شعارها وصبغه بلون قوس قزح الذي يرمز للمثلية وهنا تشويه آخر لاستغلال هذه الألوان وجعلها رمزاً لهم!
حتى إن العديد من قنوات الأطفال تعمد إلى نشر فيديوهات تدعو الأطفال لتقبّل هذه المفاهيم هذا على مستوى الطفولة أما على مستوى الشريحة الأكبر فهنا نظهر ما قاله المحلّل الإعلامي مارك دايس قائلًا بأن “الإعلام الليبرالي أجرى عملية غسيل مخ من خلال بروباغاندا المثليين الجنسيين حتى يقنع الأميركان بارتفاع نسب الشذوذ الجنسي” وبالتالي ما يعرض في البرامج والدراما وتعويم هذه الظاهرة وكذلك إظهار المثليين على أنهم ضحايا، كل هذا يدفع من خلال البروباغاندا الناجحة لترويج المثلية كظاهرة طبيعية ويجب التعايش معها لاسيما في ظل الليبرالية الحديثة التي تعتبر المثلية حرية شخصية.
الجانب الديني والمثلية..
جميع الأديان السماوية تحرِّم المثلية الجنسية بشكل قطعيّ وتصل عقوبة هذا الفعل بدايةً من النبذ حتى الإعدام.
الدين اليهودي وتحديداً اليهود الأرثودوكس يرون العلاقات المثلية “كفاحشة”، والشهوة المثلية “سلوك غير طبيعي”.
أما المسيحية فتعتبر أي نوع من الجنس المانع للتكاثر “كفاحش”، لكن هناك وجهات قليلة حيادية وليبرالية أقل تشددا،ً إلا أن المسيحيين المتقيّدين بتطبيق دينهم يصرون على أن العلاقات المثلية خطيئة.
وفي الإسلام، لا يوجد مصطلح المثلية أصلاً و لكن يوجد ما يطلق عليه “الشذوذ الجنسي أو سلوك “قوم لوط” وقررت الشريعة الإسلامية عقوبات دنيوية مقدرة، فجمهور الفقهاء قالوا إيقاع عقوبة الإعدام مع الاختلاف في صفة الإعدام والراجح والمعتمد بأخف الوسائل.
في الختام..
الثقافات تتغير عبر التاريخ وتبعاً لعدة ظروف اجتماعية لكن هناك أمور من الصعب أن تتبدل أو تتغير وهي أن تصبح المثلية أمرا جد اعتيادي في المجتمعات حيث جرى استغلال المثلية سياسياً مثل أي قضية اجتماعية أخرى، وإعلامياً تم الترويج لهذه الظاهرة عبر حرب ناعمة طويلة الأمد أعطت المنتمين لهذه الفئة التعاطف والقبول الاجتماعي، وتم العمل على مستوى الوعي الجمعي لذلك يجب الوقوف كثيراً حول هذه الظاهرة وفهم أسبابها وظروف انتشارها ومدى تأثيرها على المحيط العام إلى غير ذلك من الأسئلة كونها انتقلت من ظاهرة اجتماعية مغمورة إلى ظاهرة اجتماعية مؤثرة و منتشرة بشكل كبير، وهنا يجب الاعتراف بأن الخطأ ليس في عدم التطرق لها ومعالجة أسبابها وأساليبها ونتائجها، إنما في إهمال مخاطرها على الفرد والجماعة أي الأسرة والمجتمع.

آخر الأخبار
هل يخرج الكتاب الورقي من غرفة الإنعاش..؟!  دور النشر: الورق رغيفٌ ساخنٌ يخبزه تجّار الأزمات الملّا "للثورة": الحفاظ على الأصالة دون الذوبان في الآخر دين ودنيا.. دور المنبر في تعزيز الوعي لمواجهة الأزمات والفتن البحرين و"التعاون الخليجي": بدء التعافي لسوريا   مجموعة العمل التركية - الأميركية حول سوريا تؤكد الحفاظ على وحدة أراضيها  القطاع الصحي منهار وأزمة الجوع تتفاقم في غزة بين الأمس واليوم: قراءة في مسار العلاقة بين دمشق وبغداد     تكريم حارسين أنقذا المتحف الوطني بدمشق ليلة التحرير  رفع العقوبات الأوروبية من العزلة إلى الانفتاح..محي الدين لـ"الثورة": بيئة جاذبة للمغتربين وأمل للشبا... اقتصادي لـ"الثورة": رفع العقوبات يدعم التعاملات والتحويلات المالية الدولية شابة تطوّر وتسوّق مشروعاً صغيراً أداته سنارة ضخ ثلاثي لمستودعات المشتقّات النفطية في "طرطوس واللاذقية وحمص" استجابة لشكاوى المواطنين.. تعزيل نهر الغمقة في طرطوس إحداث مركز صحي في دوير الشيخ سعد "صحة درعا".. رصد "الكوليرا" وأمراض الصيف بانتظار الفرج غزو صامت لأسماك وقاعيات بحرية دخيلة تُهدد التوازن البيئي حملات رش للمبيدات في اللاذقية أطباء متطوعون في مستشفى إزرع الوطني تفعيل مستودعات العنازة الأرضية مع بانياس الهوائية