تحية للصحفيين في عيدهم

د. صابر فلحوط
في ظلال عيد الصحفيين وفي رحاب ناديهم المتواضع على سمو دلالته والصغير على عظمة رسالته، يحتفل الصحفيون كل عام يمر على تأسيس اتحاد الصحفيين في بلدنا.
وقد سن الاتحاد هذه السنة بتكريم الصحفيين الذين أطفؤوا الشمعة الثلاثين من عمر المهنة ومازالوا فرسانا على صهوات الكلمة والموقف، يستلهمون توجيهات قائد مسيرة الحزب والشعب ليكتبوا صحافة دعائمها بعث التراث الخالد لهذه الأمة والإيمان بقدرتها على صياغة الحاضر من أجل صناعة المستقبل المتوهج بأحلام المجد القومي والولاء المطلق لهذا الوطن المسور بجماجم شهدائه ونبض رجاله وتضحيات المخلصين من أبنائه، والالتزام غير المحدود في الدار العربية الواسعة عبر مسيرة الصمود الرائع والشموخ الوطني والقومي التي يجسدها فعلاً في الإحداث وصلابة في المواقف وحنكة في مواجهة العواصف وحكمة في إدارة الصراع الرئيس القائد بشار الأسد.
والاتحاد إذ يعتز بتكريم الصحفيين (ومن لا يكرم نفسه لا يكرم) إنما يستذكر معهم عقوداً خلت من عمر المهنة عشناها معا بحلوها ومرها، بزلوعها وزقومها، نتساقى كؤوس الهم والألم والأرق، والقلق، ونقتسم رغيف الوجع اليومي، وطنياً وقومياً مع جماهير شعبنا التي كانت حجارة الأساس في هرم ثورة الثامن من آذار ثورة الجماهير الواعدة والرسالة الخالدة والمستقبل المنشود.
ومما يضاعف اعتزازنا بدور صحافتنا وخاصة بدور المكرمين منهم أننا كنا معا حزبيين وأصدقاء مع الخيوط الأولى لفجر ثورة الثامن من آذار التزاماً وإيماناً ونضالاً أقلاما تجأر بالحق، وأصواتاً تزأر بالمبادئ القومية، ومواقف تؤكد أن الصحفيين في بلدنا ليسوا زوائد ونوافل في جسد النظام السياسي، وإنما هم في سويداء القلب الخفاق والعقل الخلاق والوجدان المبدع دفاعاً عن المبادئ وإيماناً بانتصار القضية وولاء بتراب الوطن وتراث الأمة وتجذراً في مسيرة الاستمرار والاستقرار المدهش الذي يعيشها بلدنا.
وإنه ليحق للزملاء الذين عايشوا صحافتنا في طفولتها وكانوا صخور الأساس في هرمها الشامخ اليوم، أولئك الذين صامدوا وصابروا وكابدوا وأبحروا في شعب المرجان اتقاء الحيتان والغيلان وسمك القرش، من حق هؤلاء الزملاء أن يتذكروا بفخر كيف كانت صحفنا حروفاً وورقاً ووسائل تواصل وكيف تمت عملية التنمية والانتقال بل الانطلاق من حالة الطفولة هزيلة الأجنحة والأعواد إلى عنفوان القوة والفتوة والشباب بعد الحركة التصحيحية المجيدة، وخلال فترة قياسية في حسابات العالم الثالث، وكيف صارت الأكواخ المتواضعة صروحاً عملاقة والأقلام الطرية كأهداب الزغاليل نضالاً كسيوف للفقار تتوهج قدوة ورسولية وتبعث الأمل وتولد الثقة وترسخ دور الكلمة المضيئة في ازدحام المادة وفوضى التسابق لاقتناص الآني من الزبد على حساب الخالد الذي ينفع الناس.
ومن حق الصحفيين أن يفخروا وقد تبوأ العديد منهم الشرفات الرفيعة في الهرم الاجتماعي فأصبح من الصحفي الوزير وعضو مجلس الشعب وصاحب القرار في مختلف مستويات العمل.
ولعل المكانة الأسمى والسدرة الأعلى التي يعتز بها هي تلك التي يحتلها في ضمير حزبنا وجبهتنا الوطنية التقدمية وقائد مسيرة شعبنا والتي هي ذروة في الفخر والاعتزاز.
لقد تعامل الصحفيون خلال الأعوام الثلاثين من عمرهم المهني مع الأمزجة والأذواق في اصطراعها العجيب ومع الأوامر والنواهي والقرارات في ائتلافها حيناً واختلافها أحياناً، فكانوا الأساتذة في فهم المسألة الصحفية واستيعاب العبر والدروس المستخلصة من مقارعة الحجة بالحجة واستخدام الحوار بدلاً من الشجار، والكلمة الحضارية المشبعة بدلاً من الكلمة المتوحشة الموجعة، وها نحن اليوم بكل زهو نعيش صحافة عصر الأسد الذي من قيمه الرفيعة وشيمه النبيلة أنه لم يقصف فيه قلم شجاع أو يوقف عن العطاء كاتب ولا فنان أو يسكت فيه لسان يصرخ بالحقيقة أو يلوح برقابة على حرية الصحفي إلا رقابة الضمير، تأكيداً لشعار الرئيس الراحل الخالد حافظ الأسد: نحن أقوياء بمقدار ما نمتلك من الحرية وأحرار بمقدار ما نمتلك من القوة إيماناً بعظمة الفكر وتقديساً لرسالة المبدع وتقديراً لدور الكلمة والموهبة والعقل في خلق الحضارات.
ولقد أدرك الصحفي العربي السوري أن مهمته الأقدس هي توسيع دائرة الفرح في هضاب الجرح العربي لعل زهرة برية تنمو بين أشواك الحالة الانفصالية والإقليمية الرهيبة التي تعيشها الأمة.
وها نحن نحاول بكل مسؤولية وطنية وقومية الخروج من صحافة التهويل المخيف أو التبرير المضحك إلى صحافة الرأي الجاد والمسؤول دون مشاكسة طفولية أو عناد مراهق نستعمل الكلام السهل للتعبير عن المواقف الصعبة الصلبة ونجتهد لنكون في المستوى الأرفع الذي بلغته سياسة قطرنا عربياً ودولياً على مختلف الصعد، الأمر الذي يحملنا من المسؤوليات والتبعات ما يجعل التضحية المستمرة والغيرية الدائمة وبذل أقصى درجات الجهد والعطاء الصفة الأبرز بين صفات الصحفي العربي السوري المعاصر.

آخر الأخبار
هل يخرج الكتاب الورقي من غرفة الإنعاش..؟!  دور النشر: الورق رغيفٌ ساخنٌ يخبزه تجّار الأزمات دين ودنيا.. الملّا "للثورة": الحفاظ على الأصالة دون الذوبان في الآخر دين ودنيا.. دور المنبر في تعزيز الوعي لمواجهة الأزمات والفتن البحرين و"التعاون الخليجي": بدء التعافي لسوريا   مجموعة العمل التركية - الأميركية حول سوريا تؤكد الحفاظ على وحدة أراضيها  القطاع الصحي منهار وأزمة الجوع تتفاقم في غزة بين الأمس واليوم: قراءة في مسار العلاقة بين دمشق وبغداد     تكريم حارسين أنقذا المتحف الوطني بدمشق ليلة التحرير  رفع العقوبات الأوروبية من العزلة إلى الانفتاح..محي الدين لـ"الثورة": بيئة جاذبة للمغتربين وأمل للشبا... اقتصادي لـ"الثورة": رفع العقوبات يدعم التعاملات والتحويلات المالية الدولية شابة تطوّر وتسوّق مشروعاً صغيراً أداته سنارة ضخ ثلاثي لمستودعات المشتقّات النفطية في "طرطوس واللاذقية وحمص" استجابة لشكاوى المواطنين.. تعزيل نهر الغمقة في طرطوس إحداث مركز صحي في دوير الشيخ سعد "صحة درعا".. رصد "الكوليرا" وأمراض الصيف بانتظار الفرج غزو صامت لأسماك وقاعيات بحرية دخيلة تُهدد التوازن البيئي حملات رش للمبيدات في اللاذقية أطباء متطوعون في مستشفى إزرع الوطني تفعيل مستودعات العنازة الأرضية مع بانياس الهوائية