الثورة – عبير علي:
بأجواء مفعمة بالألوان والضحكات، احتضن المركز الثقافي العربي في أبو رمانة فعالية مميزة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، حملت شعار “حق الطفل في الحياة والمرح”.
وجاءت الاحتفالية لتسلّط الضوء على أهمية تمكين الأطفال من معرفة حقوقهم والتعبير عنها، عبر برنامج ثقافي وفني تفاعلي ربط بين الفن والتعلم، وفتح نافذة واسعة أمام الأطفال ليعيشوا عالمهم بإبداع وحرية.
بداية يوم ملوّن
انطلقت الفعالية عند الساعة العاشرة صباحاً باستقبال تلاميذ مدرسة الفيحاء النموذجية برفقة معلماتهم.
وكانت المحطة الأولى زيارة معرض “همسات لون”، حيث تجوّل الأطفال بين اللوحات وعبّروا بحرية عن آرائهم وانطباعاتهم، في خطوة هدفت إلى تعزيز ثقتهم بذاتهم وتشجيعهم على التذوق الفني.
جسر محبة
انتقل الأطفال بعدها إلى فقرة “قراءة القصة” التي قدّمتها القاصة ديمة إبراهيم من خلال قصتها “جسر المحبة”. وفي حديثها لصحيفة الثورة قالت:
“تهدف القصة إلى تعزيز الروابط الأسرية القائمة على المحبة. أردتُ أن أوجّه رسالة لأطفال وطني بأنهم أمل المستقبل، ولهم الحق في العيش بأمان وصحة وسلام. الفن والأدب يشكّلان دعامة أساسية في بناء شخصية الطفل، لأنهما يقدّمان له نماذج إيجابية كالصدق والصداقة ويسهمان في إطلاق خياله”.
تفاعل الأطفال مع القصة بشكل لافت، خاصة عند تناول قيم التعاون والمساواة، وهي من أهم الحقوق التي تعرّفوا عليها خلال الفعالية.
وفي نهاية الفقرة، قامت القاصة بتوزيع هدايا بسيطة على الأطفال قبل الانتقال إلى الأنشطة الفنية.
الألوان وحقوق الصغار
في حديقة المركز، تجمع الأطفال حول الطاولات للمشاركة في ورشة الرسم بإشراف الفنانتين باسمة كيلو ووفاء الحافظ. وقالت الفنانة الحافظ لصحيفة الثورة:
“الفن أداة قوية تمكّن الأطفال من التعبير عن مشاعرهم وحقوقهم. ما رسموه اليوم كان رسالة واضحة عن حقهم في اللعب، والتعلم، والحياة الكريمة”.
كما أكدت الفنانة باسمة كيلو:
“كل لوحة قدمها الأطفال عكست أحلامهم، فقد عبّروا بالألوان عن الفرح والسلام، وهي حقوق أساسية يجب أن نحتفل بها كل يوم”.
وقدّم الأطفال رسومات تعبّر عن حقوقهم:
التوءمان ورد وليث العاصي (8 سنوات) جسّدا حق اللعب من خلال رسم أطفال يمرحون في حديقة المدرسة.
ريتال مريش (8 سنوات) عبّرت عن حق التعلم عبر رسم فتيات يجلسن على مقاعد الدراسة.
كما تضمن النشاط توزيع بطاقات عيد الطفولة للتلوين وصنع “زهرة الحقوق” التي قدّمها الأطفال لذويهم كتذكارات رمزية.
وقالت كيلو في ختام الورشة:
“استطاع الأطفال اليوم أن يبنوا جسراً مع الكبار من خلال أعمالهم الفنية.
لقد تحوّل الرسم إلى أداة فعّالة للتوعية بحقوق الطفل ورعايته وحمايته”.
الفعالية مساحة للحرية والمرح
عبّر الأهالي عن سعادتهم بمشاركة أبنائهم. وقالت السيدة غروب ديوب، والدة التوءمين ورد وليث:
“كانت الفعالية فرصة رائعة لأطفالي للتعبير عن أحلامهم.
صنعوا زهرة الحقوق وقدموها لنا كهدية تعبّر عما يتمنونه”.
أما الطفل ليث العاصي فقال مبتسماً:
“أحببت أن أرسم الأطفال وهم يلعبون… لأن لكل طفل حقاً في اللعب والفرح”.
وأضافت ريتال مريش: “رسمت المدرسة لأنني أحب التعلم وأريد أن أحقق أحلامي”.
فيما أكدت السيدة نسرين غبيش، والدة الطفل صالح الأفندي (9 سنوات):
“من حق أطفال سورية أن يعيشوا بأمان وحرية، وكانت فعالية اليوم فسحة ضرورية لهم، سعدت بإلقاء ابني للشعر أمام الحضور”.
بناء إنسان المستقبل
مدير المركز الثقافي في أبو رمانة، عمار بقلة، أكد أهمية هذه الفعالية قائلاً:
“نقيم هذه الأنشطة لتأكيد حقوق الطفل وترسيخها في وعيه منذ الصغر.
الفعاليات الثقافية والفنية تُسهم في تنمية مهارات الأطفال وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتشجيعهم على التعبير بحرية”.
وأضاف: “الفن والأدب ليسا للتسلية فقط، بل هما جزء أساسي من بناء شخصية الطفل وتنمية خياله وقيمه الإنسانية”.
جسر من الفرح والإبداع
اختُتم اليوم بتوزيع بطاقات التلوين وصنع زهرة الحقوق، وسط موسيقا الطفولة وأجواء الفرح. وأكدت الفنانة باسمة كيلو أهمية هذه الأنشطة التي تمنح الطفل فرصة للتعبير عن ذاته بطريقة ممتعة وبناءة.
يُذكر أن الفعالية أُقيمت برعاية دار نيتو وبركات اللذين قدّما للأطفال الحلويات والمقرمشات.
رسالة اليوم العالمي للطفل
تحدث رئيس ثقافي أبو رمانة عمار بقلة عن الرسالة التي يجب أن تصل للأطفال في يومهم: “يجب على الأطفال أن يشعروا أن لديهم حقوقاً يجب احترامها، مثل حقهم في التعبير، في اللعب، وفي التعلم.
هذه الفعالية هي تذكير لهم بأهمية هذه الحقوق، وأنهم جزء مهم من المجتمع ويمتلكون القدرة على التغيير والتأثير في المستقبل”.
كانت الفعالية في ثقافي أبو رمانة أكثر من مجرد احتفال؛ لقد كانت جسراً من الإبداع والتواصل، يُتيح للأطفال أن ينظروا إلى العالم بعيونهم الصافية، وأن يعبروا عن حقوقهم وأحلامهم عبر الفن والمرح، في خطوة مهمة نحو مجتمع أكثر وعياً بحقوق الطفولة.