الثورة- غصون سليمان:
نشهد على مدار العام أنشطة وحوارات وندوات وورش عمل تأخذ بعدها الاختصاصي في الاقتصاد والتقنية والمجتمع وفقاً لاهتمام كل جهة من المؤسسات والنقابات وحاجة السوق.
نقابة المهندسين فرع دمشق عودتنا دائماً على طرح عناوين لأبحاث وتجارب ودراسات غنية تهم الفرد والمجتمع بكل جوانبه كان آخرها ندوة حوارية حول مشروع منصة أون لاين فيما يخص العمل الهندسي المجتمعي قدمها الأستاذ فيصل العطري رئيس الجالية السورية في جمهورية الصين الشعبية وذلك بدعوة من مجلس نقابة المهندسين فرع دمشق لجنة النشر والإعلام.
محاور الندوة ركزت على الرؤية و الهدف من إطلاق منصة للعمل الهندسي عبر الأون لاين مع عرض التجربة الشخصية في المزاوجة بين العمل الهندسي وإدارة الأعمال، وكيف يمكن الاستفادة من التجربة الصينية في التطور والتنمية الصناعية.
الاستاذ العطري يرى أن المشكلة الكبرى التي يواجهها أي شخص في سورية يريد العمل المستقل هو موضوع العقوبات والحصار فمجرد أن ترى أي منصة للعمل الحر تنطلق من سورية يقومون بإغلاق الحساب، مع ملاحظة أن العمل الحر يتطلب وجود البطاقات الائتمانية، هذه البطاقات محظورة على المواطن السوري.
من هنا تأتي أهمية الفكرة الجديدة لمنصة الاون لاين بكيفية إيجاد محاولة لتلافي هذه الثغرة.
العطري أكد الرغبة بإيجاد منصة سورية قادرة أن تدير أعمال المهندس السوري إلى العام بغية تحقيق هدفين الأول مساعدته بإيجاد دخل إضافي في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة، وثانياً تأمين ورود قطع أجنبي للبلد حيث تحتاجه لأسباب عديدة.
أعمال تصميمية
والسؤال الذي يطرح نفسه يقول العطري هل يمكن للمهندس أن يعمل كمستقل؟ الجواب يكمن في أن العمل الهندسي ينقسم إلى قسمين دراسي وتنفيذي وأعمال تصميمية وتنفيذية، والحقيقة أن الأعمال التصميمية هي ذات الحظ الأكبر لهذا النوع من الاشغال، لطالما العمل التنفيذي صعب في هذا المجال من العمل، على عكس العمل التصميمي الذي يتيح العمل بالبرمجيات والتصاميم والدراسات ويمكن أن يقوم به أي مهندس مهتم .
وحول أهم ميزات العمل الحر بالنسبة للمهندس يرى رئيس الجالية السورية في الصين أنه يوفر دخلاً إضافياً واستغلال أوقات الفراغ فهو كمهندس موظف لديه مساحة حرة للعمل فخصوصية العمل بالأون لاين لا يتطلب غالباً ساعات مقيدة وإنما يعمل في أي وقت يختاره.
والأهم حسب رأيه أنها توسع الآفاق العلمية لديه، إذ من الضرورة دوام التعلم والمواظبة فاختصاص الهندسة بالذات يتطور باستمرار..كما أن العمل بالأون لاين يفتح آفاق المهندس على متطلبات سوق العمل العالمي المطلوبة مايحفزه على البحث والمتابعة والإنجاز.
وفي سؤاله الآخر إن كان يؤثر العمل كمستقل على اقتصاد الدولة، كان جواب العطري أنه يؤثر بشكل إيجابي حيث يقوم المستقل بتصدير أعماله للخارج فيتقاضى ويجذب المزيد من العملة الصعبة مايفيد البلد كتصدير أي سلعة زراعية أو صناعية، والفرق في هذه الحالة أننا ننتج من منازلنا ونستقدم العملة من الأفكار.
بعض العوائق
وعن كيفية إنجاز هذه المنصة ذكر رئيس الجالية السورية بأن الموضوع بسيط جداً حسب رأيه إذ يمكن لأي مهندس مختص أن يقوم ببناء مواقع أنترنت لكن تبقى بعض العوائق المتعلقة باستلام الأموال وهذه سوف نجد لها الحلول.
وحول توقع البعض من أن الاستاذ العطري هو من يقوم بإنشاء هذا المشروع نوه إلى هذا الجانب من أن الغرض والهدف من إظهاره لهذه الفكرة هو تقديم المساعدة، متمنياً أن يتلقفها أي مهندس أو مجموعة مهندسين يقومون بإطلاقها والإشراف عليها وتشغيلها باعتبار المنصة مشروعاً مربحاً.
المنافسة ليست عدواً
وتحدث العطري أيضاً عن تجربته في إدارة إحدى الشركات خلال وجوده في الصين وكيف واجه المشاكل والتحديات مستفيداً من البحث والدراسة والتجارب الموازية لما مر معه وكيف تجاوز الصعوبات وتحديات الخسارة باعتماد منطق التخصص في إدارة الأعمال، والخروج من حالة الخسارة والإفلاس إلى حالة الربح، معتبراً أن الأهم في كل ما سبق هو ألا ينظر المرء والشخص إلى منافسيه على أنهم أعداء يجب القضاء عليهم بل يجب النظر اليهم على أنهم مدارس حاول أن تتعلم منها، تعلم من أخطائهم ونجاحهم.
مداخلات غنية
الحوار الذي أشرفت على إدارته و تقديمه المهندسة رندة حشيش عضو مجلس فرع نقابة المهندسين مسؤولة لجنة الإعلام والنشر كان على درجة عالية من الفهم والمسؤولية والعلمية، سواء بالحضور النوعي لنخبة من الأساتذة والأكاديميين والمهندسين وكذلك الأفكار والمداخلات التي تم طرحها بجرأة وشفافية دون أي تجميل .
ومن ضمن المداخلات نشير هنا لما ذكره الأستاذ الدكتور نديم الأحمد دكتوراه في الهندسة الجيولوجية والجيوفيزيائية جامعة دمشق حيث قال :نحن نعيش ظروف اقتصاد المعرفة في كل المجالات الاقتصاد الهندسي واقتصاد الإدارة وغيرها، والحوار بشكله العام مفيد جداً ويغني الموضوع معبراً عن سعادته بالاستماع إلى زملائه في أكثر من جانب.. وفيما يتعلق بالمحاضرة القيمة كنت أتمنى وأنا جداً شغوف أن أسمع بعض الإرشادات الخاصة بمضمون عنوان اللقاء ،أن أسمع أيضاً حول الهوة التكنولوجية الموجودة بيننا وبين وبين الآخرين وكيف نقلص هذه الهوة ونختصرها.
وذكر الدكتور الأحمد أنه في الماضي ليس بالبعيد كنا نصدر تجربتنا إلى الآخرين، ومايؤلمنا أين نحن الآن، أين كنا وأين أصبحنا، ما الأسباب الموضوعية والعلمية ؟!.
وفيما يتعلق بالبحث العلمي نحن بحاجة إلى تكريس ثقافة فريق العمل ولن نخوض حالياً فيما يتعلق بالمنتج والمنتج وقضية المنافسة مبيناً أنه مع رأي المحاضر من أن المنافسة ليست عدواً، حيث المنافس يحرض ويقدم نوعاً من التحفيز ونحن في أمس الحاجة إلى المنافسة.
نشخص من دون علاج
ونوه لأهمية بذل قصارى جهدنا في الداخل والخارج لمعاجة وضعنا الراهن، مؤكداً القول أننا دائماً نساهم بتشخيص المشكلة والمرض ونبتعد ما استطعنا عن إيجاد ووضع الحلول، نحن بحاجة إلى العلاج كفانا تشخيصاً، فالمرض معروف، لكن كيف نساهم ونساعد بوصف الأدوية المناسبة والمطلوبة هنا المشكلة.
ولم يخف الدكتور أحمد ملاحظته التي وجهها بكل محبة للأستاذ فيصل العطري حين قال له ..كنت أتمنى أن أسمع وجهة نظرك وأنت في المغترب كيف ترى بلدك وترى الواقع الاقتصادي والاجتماعي وكيفية الحلول مما نحن فيه من هذا المأزق، متمنياً مرة أخرى أن يسمع وجهة نظر الأستاذ المحاضر حول كيفية تقليص الهوة التكنولوجية بيننا وبين الآخرين، علماً أنني كنت في موسكو ولندن ورأيت عمالقة السوريين بشتى الاختصاصات ولاينقصهم شيء، فهم مدراء في المشافي وقطاعات الصناعة والزراعة والطب وغيره.
دعم البحث العلمي
الاستاذ العطري أعرب عن تقديره لمداخلة الدكتور الأحمد وما أورده من أفكار فمن ناحية ردم الهوة التكنولوجية فالجواب بسيط من وجهة نظره إذ لايوجد سبب معين بقدر ما يتعلق الأمر بتوفير الإمكانيات، فعندما تساعد الجامعة على تنمية البحث العلمي على سبيل المثال لا الحصر نكون هنا في موقع ردم الهوة، وكذلك الأمر حين نتمكن من جذب رجال أعمال لتمويل البحث العلمي، فهل تواصلت جامعاتنا مع بعض رجال الأعمال لتمويل أبحاث معينة في فروع الهندسة المختلفة، فإذا ماتم ذلك نكون قد حققنا هدفين..تحريض رجال الأعمال على المساهمة بالعمل العلمي ومن ناحية ثانية تنمية قدرات جامعاتنا.
جاليتنا تمتلك الاختصاصات كافة
وفي سؤال الثورة عن واقع جاليتنا في جمهورية الصين الشعبية وكيف يمكن لها أن تكون جسراً للتواصل ودعم التنمية في هذه الظروف..أوضح الأستاذ فيصل العطري بأن الجالية السورية في هذا البلد متنوعة جداً ولدينا حملة شهادات عليا من مختلف الاختصاصات العلمية في الهندسة والعلوم والاقتصاد والصناعة والزراعة والصحة والمعلوماتية وغيرها، مؤكداً في هذا الجانب على أهمية تبادل الأفكار والمعلومات من خلال الندوات والحوارات واللقاءات بين الداخل وأبناء الجالية في المغترب، لافتاً إلى وجود عدد من الصناعيين السوريين أصحاب مصانع كبيرة في الصين وأن أحد هؤلاء لديه مصنع ضخم للإنارة وقد نفذ نسخة منه في سورية وينتظر بعض الوقت لتحسين الأوضاع ليتم تشغيله.