الثورة _ ناصر منذر:
مع بلوغ التوتر المتصاعد بين فرنسا وحكومة النيجر ذروته، وعلى خلفية التظاهرات الحاشدة التي شهدتها النيجر منذ حدوث الانقلاب العسكري للمطالبة برحيل القوات الفرنسية، يبدو أن باريس أعادت حساباتها من جديد في هذا البلد الذي بدأ يلفظ الوجود الاستعماري الفرنسي، حيث بدأت حكومة ايمانويل ماكرون إجراء مباحثات مع جيش النيجر لسحب جزء من قواتها العسكرية من هذا البلد، فيما أعلنت الصين عزمها القيام بوساطة لمحاولة حل الأزمة في النيجر.
وبحسب وسائل إعلام فرنسية، فإن باريس التي تحتفظ بوجود 1500 جندي في النيجر، بدأت تجري مباحثات مع جيش النيجر لسحب جزء من قواتها العسكرية هناك، حيث قالت صحيفة «لوموند» اليوم الثلاثاء، نقلا عن مصادر فرنسية مطلعة إن «المناقشات بدأت بشأن انسحاب بعض العناصر العسكرية الفرنسية».
وأضاف مصدر بوزارة الدفاع الفرنسية أن هناك «مناقشات بين العسكريين لتسهيل حركة الأصول العسكرية الفرنسية المجمدة منذ تعليق التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب».
ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تذكر هويته أن فرنسا تجري مباحثات مع جيش النيجر، وليس مع المجلس العسكري الحاكم، وأن باريس ستستمر في عدم الاعتراف بالحكومة الحالية، وتدعو لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى السلطة.
من جانبه أكد رئيس الوزراء المعين من قبل المجلس العسكري في النيجر، محمد الأمين زين، أمس الاثنين أن هناك «مباحثات جارية» لانسحاب القوات الفرنسية المتمركزة في البلاد «بسرعة».
وفي إطار الجهود الدولية لحل الأزمة، وتجنيب النيجر تدخلا عسكريا هددت به مجموعة «ايكواس»، أعلن السفير الصيني في نيامي جيانغ فنغ أن حكومة بلاده تعتزم القيام بدور وساطة في محاولة لحل الأزمة السياسية التي تشهدها النيجر.
ونقلت وكالة فرانس برس عن فنغ قوله في تصريح للتلفزيون الوطني النيجري: إن «الحكومة الصينية تعتزم تأدية دور المساعي الحميدة والوسيط مع الاحترام الكامل لدول المنطقة، لإيجاد حل سياسي لهذه الأزمة التي تشهدها النيجر».
وشدد فنغ على أن «الصين تنتهج دائماً مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، كما أنها تشجع الدول الإفريقية على حل مشكلاتها بنفسها».
هذا وكانت التظاهرات الحاشدة المطالبة برحيل القوات الفرنسية من النيجر، بلغت أوجها خلال الأيام القليلة الماضية، حيث حمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها «أيها الجيش الفرنسي إرحل عن بلدنا».
وفي الـ 3 آب، أعلن المجلس العسكري إلغاء اتفاقات عسكريّة عدّة مبرمة مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، تتصل خصوصا بتمركز الكتيبة الفرنسيّة التي تنشر 1500 جندي في النيجر للمشاركة في محاربة الإرهاب.
كما سحبت النيجر الحصانة الدبلوماسية والتأشيرة من السفير الفرنسي سيلفان إيتيه وطلبت منه «مغادرة» البلاد، بموجب أمر من وزارة الداخلية صدر الخميس وقرار من المحكمة العليا في نيامي الجمعة الماضية.