الثورة – بشرى سليمان:
يقلق الأب والأم غالبا من مبالغات ملحوظة، أو إخفاء حقائق، أثناء الاستماع لأحاديث طفلهما الصغير، وقد يميلان لتقييم كلامه بأنه يكذب، وأنهما أمام مشكلة قد تصبح عادة سيئة إذا لم تُعَالج بسرعة ، خصوصاً إذا كانا تلك القدوة الحسنة ،ويتحليان بالصدق في تعاملهما مع هذا الطفل.
للوقوف عند موضوع الكذب عند الأطفال الصغار قبل سن المدرسة ، ومدلولاته، ومتى يجب أن يقلق الأهل ،تشير الاختصاصية النفسية يارا أحمد أن الأهل يستمتعون عادةً بسماع قصص أطفالهم الطريفة والمضحكة ، ولكن عندما يقولون اشياء غير صحيحة ومختلفة عما حدث في الواقع يشعر الأب أو الأم بالقلق تجاه هذا السلوك على اعتبار أنه علامة على انحرافهم و يؤثر سلباً على شخصيتهم الأخلاقية ، في المقابل أفادت العديد من الدراسات بأن الكذب سلوك طبيعي وتعبير عن خصوبة الخيال وارتفاع مستوى الذكاء.
حتى سن الخامسة
وتعتبر أحمد أن عادة الكذب لدى الأطفال تبدأ ما بين (2 و 4) سنوات وبحلول الرابعة يكذب أكثر من 80% من الأطفال ، كجزء من تطورهم النفسي والمعرفي والاجتماعي ،وإشارةً إلى مهاراتهم في قراءة أفكار الآخرين وقدرتهم على الخداع من أجل تحقيق مكاسب شخصية أو لإخفاء التجاوزات و الأخطاء التي اقترفوها.
أما الأطفال من سن (3-5) سنوات فالكذب لديهم ينتج عن رغبة في تحقيق أمنيات معينة، فإذا أراد الطفل أن يشاهد التلفاز كما يحلو له قد يكذب على أهله ويخبرهم أن معلمته في الروضة تتيح لهم ذلك في أي وقت ، ومن الممكن أيضاً أن يختلق أكاذيب حول سفره لأحد البلدان ، أو بأن أمه حامل ، وغيرها من الأفكار الوهمية التي تعني بأنه يرغب في حدوث هذه الأمور ويلجأ إلى الكذب لكي يعيش التجربة.
قد يعبر عن المشاعر
وتضيف أن الكذب قد يكون وسيلة الأطفال للتعبير عن مشاعرهم ولكن بطريقة غير إيجابية ، فعلى سبيل المثال إذا كان الطفل يخاف من ألعاب مدينة الملاهي العالية أو السريعة واختلق قصة وهمية عن وفاة أو تأذي أحدهم بسبب إحدى الألعاب فيعني ذلك أنه يشعر بالخوف من ركوبها، ولكنه اختار الكذب للتعبير عن مشاعره.
التعامل مع الكذب
وفي هذا السياق تنصح الأهل بالتعامل مع هذه الحالة بإظهارهم تفهماً لهذه الأمنيات عن طريق إعادة صياغة الجمل من أكاذيب إلى أسئلة استفسارية مثل سؤاله ما إذا كان يرغب في السفر أو مشاهدة التلفاز أو بأن يحظى بأخٍ أصغر، لافتة أنه في نهاية هذه المرحلة (3-5) يبدأ الطفل عموماً بإدراك مفهوم الكذب وتمييزه كعادة سلبية غير مقبولة اجتماعياً ، حيث يمكن إيضاح هذه الفكرة لديه بشكل أوسع من خلال تشجيعه على قراءة القصص التي تتحدث عن مفهوم الصدق .
وحول سؤال متى يجب أن يقلق الأهل ؟وما الحل؟
تقول أحمد :على الرغم من أن انتشار الكذب بين الأطفال يُعَدُّ أمراً طبيعياً في حدود وفترات معينة، إلا أن هناك حالات تستدعي إعادة التفكير بهذا الموضوع ولاسيما حين يُصاحب الكذب سلوكيات عدوانية و عنيفة ، أو إذا أدى إلى عرقلة التزامات و نشاطات الطفل اليومية ، فهنا تتخذ الأمور اتجاهاً انحرافياً لابد من مناقشتها مع الطفل أو مع شخص أختصاصي إذا لزم الأمر ، ولكن أولاً يجب فرض أجواء مريحة داخل البيت، وخلق بيئة آمنة ومتقبِّلة لأي طارىء أو حديث إضافةً إلى التعامل مع تصرفات الأطفال بطريقةٍ متزنةٍ وهادئة وبعيدةٍ كل البعد عن ردود الفعل العصبية والعنيفة والمبالغ فيها، بهدف منع تطور عادة الكذب في مسارات منحرفة وغير مرغوبة، كما يجب الاعتماد على الطفل والثقة به ،وتجنب استخدام أسلوب المحقق معه، حتى لا يلجأ الطفل للكذب كوسيلة لتفادي الأسئلة التطفلية المزعجة.