عبير علي
وثقت ريشة الفنان التشكيلي نذير البارودي، كل ما يتعلق بمدينة دمشق وتراثها الجميل، وفي إضاءة على هذا الفن يشير البارودي في حديث لصحيفة الثورة أنه منذ خمسين عاماً، وهو يرسم التراث بقلم الرصاص والفحم، ثم بالألوان الزيتية، تجوّل في الحارات الدمشقية القديمة، التي رسم التاريخ خطوطها وملامحها، كان يتمعن في كل تفصيل، من الزخارف التي نقشت على البيوت والأبواب، وفي أدق التفاصيل التراثية، إضافة إلى الحرف اليدوية التي تشتهر بها دمشق.
رسم البارودي جميع عادات وتقاليد مدينة دمشق من خلال 660 لوحة، منها جميع الترامويات التي كانت في دمشق، كما جسد بلوحة معرض دمشق الدولي في ستينات القرن الماضي بكل تفاصيله وفعالياته التي ميزته مع زواره الذين كانوا يجلسون على ضفاف نهر بردى، كما وثق في أعمال أخرى الحارات الدمشقية كحي القيمرية وساروجة وباب توما وباب سريجة وحارة الزيتون وغيرها، فيما تناغمت خطوط وألوان البارودي ليوثق عادات أهل الشام في لوحة يعتبرها من أجمل ما رسم وهي لوحة الحكواتي، إضافة إلى حفلة طرب دمشقية في البيت الدمشقي الذي أبدع في تجسيده بلوحة ضمت كل ما يحتويه من الياسمينة والنانرجة ودالية العنب والبحرة إضافة إلى جرن الكبة وجمعة النساء وطقوس عمل الكبة بأنواعها.
البارودي الذي عشق تراث دمشق، لم يترك حرفة أو مهنة فيها إلاّ ووثقها بريشته، من المنجّد إلى المبيّض والطرابيشي والكندرجي والحلاق وصندوق الفرجة وبياع الصبارة والحمصاني والفاكهاني والخضرجي.
وحول مشاركته الأخيرة في معرض دمشقيات في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة، قال: أنا مختص بالدمشقيات وشاركت بـ 6 لوحات تعبّر عن الحرف الدمشقية القديمة منها لوحة خراط الخشب، ولوحة عربة السنكري (الذي يصلح بوابير الكاز)، ولوحة كباس الماء الذي يثبت على البحرة، ويصل لأسفل البئر لصعود الماء للاستخدام المنزلي، ولوحة التراموي رقم 3 الذي يسير من الجسر الأبيض إلى الشيخ محي الدين، ولوحة التراموي رقم 4 الذي يصل للمهاجرين، أما اللوحة السادسة فهي مأذنة الشحم في منطقة مدحت باشا، وتعتبر هذه المشاركة رقم 37 للبارودي بين معارض فردية ومشاركات أخرى من عام 2011 حتى اليوم، وعبّر البارودي عن رغبته في توثيق التراث السوري في جميع المحافظات، متمنياً أن يجسد كل فنان عادات وتقاليد محافظته.
التالي