الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
تعد البرازيل واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وتشتهر بثقافتها وبراعتها الرياضية وتنوعها البيولوجي المذهل وثرواتها الهائلة من الموارد، وهي دولة يتوقع الكثيرون أن تحدد معالم القرن المقبل.
ولكن على الرغم من نقاط القوة العديدة هذه، فإن البرازيل تعد أيضاً دولة على الخط الأمامي لأزمة المناخ، حيث تكافح إزالة الغابات في حوض الأمازون، وهي أيضاً أمة موطن لمجتمعات يمزقها الجوع والفقر.
ومع وضع هذين الجانبين في الاعتبار، فإن عملاق أمريكا اللاتينية يعد خياراً مثالياً لتولي رئاسة مجموعة العشرين لعام 2024 واستضافة قمة القادة المقبلة، عندما يجتمع ممثلو أكبر الاقتصادات في العالم لمعالجة التحديات المشتركة.
وقال الرئيس البرازيلي لولا للمجتمعون: “أشكر الهند على جهودها، نريد مشاركة أكبر من جانب البلدان الناشئة في عملية صنع القرار في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولا بد من معالجة الديون الخارجية التي لا تطاق لأفقر البلدان”.
وشهدت قمة هذا العام إضافة عضو دائم جديد، وهو الاتحاد الأفريقي الذي يضم 55 عضواً. وتوصل الزعماء أيضاً إلى اتفاقيات حول الديون العالمية، وإصلاحات المؤسسات متعددة الأطراف مثل البنك الدولي، وتمويل المناخ، واعتماد “ميثاق التنمية الخضراء” العالمي، ومن المتوقع أن يكون الاتفاقان الأخيران من السمات الرئيسية لرئاسة مجموعة العشرين في عام 2024.
وفي عالم تتعرض فيه التنمية المستدامة للتهديد وما زال الملايين من الناس يعانون من الجوع، قال لولا: إن المجتمع الدولي يتطلع إلى مجموعة العشرين “بالأمل” والرغبة في القيادة.
وفي الواقع، تمثل الكتلة 85% من الناتج الاقتصادي العالمي، و75% من التجارة الدولية، ونحو 60% من سكان العالم.
وقال لولا للمندوبين: لذلك فإن الرئاسة البرازيلية لمجموعة العشرين لديها عدة أولويات، أهمها الإدماج الاجتماعي ومكافحة الجوع، وأيضاً انتقال الطاقة والتنمية المستدامة، وإصلاح مؤسسات الإدارة العالمية. وإن كل هذه الأولويات تشكل جزءاً من شعار الرئاسة البرازيلية الذي يقول: “بناء عالم عادل وكوكب مستدام”، وسيتم إنشاء فريقي عمل، هما: التحالف العالمي ضد الجوع والفقر والتعبئة العالمية ضد تغير المناخ.
والرئيس البرازيلي، المعروف ببرامجه المُصمَّمة للقضاء على الجوع في البرازيل والحد بشكل كبير من الفقر المدقع، لديه أهداف طموحة للعمل المناخي.
“على سبيل المثال، قام بعكس سياسات (الرئيس السابق) جاير بولسونارو واسعة النطاق لإزالة غابات الأمازون، والآن أصبحت إزالة الغابات أقل بنسبة 50 في المائة في البرازيل مقارنة بالعام الماضي”، كما يقول الدكتور أجوس ساري، الرئيس التنفيذي لشركة لاندسكيب إندونيسيا الاستشارية البيئية، ويضيف : “إن إزالة الغابات هي القطاع الأكثر إستراتيجية في ملف المناخ والانبعاثات في البرازيل، وهي تؤثر على العالم. إن منطقة الأمازون هي رئة العالم، وبعد أن دمرها بولسونارو، كان لولا لديه المسؤولية والرغبة في إصلاحها وهو يفعل ذلك الآن.”
ويتوقع ساري أنه في ظل رئاسة البرازيل، أنه سيكون الضغط على الدول الغنية لتعزيز العمل والالتزامات المناخية أقوى.
“البرازيل أيضاً دولة محترمة في عالم دبلوماسية المناخ، وفي بعض النواحي، هم صوت متوازن ضد الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، وستكون منطقة الأمازون العامل الرئيس في مكافحة العالم لتغير المناخ، وسيكون التعاون بين البلدان الحرجية، وخاصة البرازيل وإندونيسيا وحوض الكونغو، أقوى”.
ومن المرجح أن تشهد رئاسة البرازيل لمجموعة العشرين استمراراً للأولويات التي حددتها الهند في عام 2023 وإندونيسيا في عام 2022.
وقال الدكتور لطفي أسيوكاني، محاضر العلاقات الدولية في جامعة بارامادينا في جاكرتا، لصحيفة عرب نيوز: “إن رئاسة البرازيل مهمة لأنها ستواصل التزام أعضاء مجموعة العشرين بالتغلب على القضايا الحاسمة، وخاصة الصحة وتغير المناخ والتنمية المستدامة”.
أعتقد أن جدول أعمال مجموعة العشرين المقبلة لن يختلف كثيراً عن الاجتماعين الأخيرين اللذين عقدا في إندونيسيا والهند، وسوف تدور حول الصحة العالمية والتحول الرقمي والطاقة المستدامة.
مثل الهند وإندونيسيا، تعد البرازيل أيضاً واحدة من أهم الاقتصادات الناشئة في الجنوب العالمي، وهو مصطلح يشير على نطاق واسع إلى الدول ذات الدخل المنخفض في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي والدول النامية في آسيا وأوقيانوسيا.
وقال أسيوكاني: “البرازيل هي واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم وقوة صاعدة في الجنوب العالمي، وهي تتمتع بسجل حافل من القيادة في القضايا العالمية، وأعتقد أن البلاد ستقدم مساهمة كبيرة في عمل مجموعة العشرين العام المقبل.”
وخلال قمة نيودلهي، اتفق المجتمعون أيضاً على تخفيف لهجتهم بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا، واعترفوا بأن مجموعة العشرين ليست منصة لحل القضايا الجيوسياسية والأمنية.
وقال لولا بعد قبوله الرئاسة: “لا يمكننا أن نسمح للقضايا الجيوسياسية بعزل جدول أعمال مناقشات مجموعة العشرين، وليس لدينا مصلحة في مجموعة العشرين المنقسمة، نحن بحاجة إلى السلام والتعاون بدلاً من الصراع”.
وكان لولا قد صرح في وقت سابق لوسائل إعلام هندية بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي غاب عن قمة نيودلهي، سيكون حراً في حضور اجتماع الزعماء في ريو دي جانيرو العام المقبل.
المصدر – أوراسيا ريفيو