أرى أنه من الواجب الوطني العودة للحديث مجدداً عن الدور المهم الذي يجب أن تقوم به أجهزة الرقابة والتفتيش في منع الفساد وقمع الفاسدين بكل موضوعية واستناداً للقوانين النافذة بعد أن أثبتت الوقائع أنها لم تنجح بذلك خلال السنوات الماضية، حيث إن وتيرة الفساد ترتفع يوماً بعد آخر بأسبابه ونتائجه وتداعياته على المجتمع والدولة بدل أن تتراجع، لدرجة أننا بتنا في آخر قائمة منظمة الشفافية العالمية وفق التقارير التي تصدرها دورياً!.
إن أسباباً عديدة تقف وراء عدم قيام أجهزة الرقابة والتفتيش بدورها المطلوب، منها من وجهة نظرنا انعدام قيمة الرواتب والأجور لكوادرها وغيرهم، وعدم تفعيل عمل دوائر الرقابة الداخلية في الجهات العامة كما يجب، والتأخير الكبير وغير المبرر و(المقصود) أحياناً في إنجاز تحقيقاتها وإصدار التقارير التفتيشية بصيغتها النهائية، حيث تبقى في نسبة كبيرة من الحالات عدة سنوات حتى تنتهي من عملها بسبب العلاقات والمصالح والمنافع والتدخلات، – لدينا عدة أمثلة في محافظة طرطوس – وبالطبع ينعكس ذلك سلباً على محاسبة المرتكبين وبراءة المظلومين وعلى المصلحة العامة.
ومنها أيضاً عدم قيام التفتيش بمتابعة القضية أمام القضاء بالشكل الصحيح وعدم ملاحقة الجهة العامة المعنية بالشكل المناسب للتأكد من تنفيذ مايخصها من القرارات أوالمقترحات التي خلص إليها التقرير، كما أن هناك حلقة مفقودة في آلية متابعة التقارير التفتيشية وفي العلاقة بين التفتيش من جهة وبين الجهات العامة ذات العلاقة بتنفيذ مقترحات وقرارات هذا التقرير أو ذاك ووسائل الإعلام التي يكون لها الدور الأساس في قيام التفتيش بالتدقيق والتحقيق في هذه القضية أو تلك من جهة ثانية..وأيضاً لايوجد تنسيق بين المؤسسة التفتيشية والمؤسسة القضائية بعد إحالة المتهمين إلى القضاء بموجب تقارير معتمدة.
وإضافة لما تقدم توجد نقاط ضعف عديدة في قوانين التفتيش ومنها قانون الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم 24 لعام 1984 الذي مضى عليه دون تعديل وتطوير نحو الأربعين عاماً، ومن ثم نرى أنه من المفيد والضروري دراسة هذه القوانين وتطويرها بما يؤدي لتدارك الخلل القائم، والمساهمة الفاعلة في مكافحة الفساد الذي استفحل كثيراً.