الثورة _ غصون سليمان:
حظي العلاج السلوكي للاضطرابات النفسية كنموذج معرفي على دراسة واهتمام واسع ودعم تجريبي من قبل الاختصاصيين فقد نشرت أول دراسة لنتائج اختيار العلاج السلوكي المعرفي على نطاق واسع عام ١٩٧٧ ثم توالت الدراسات، وأثبتت أكثر من ٢٠٠٠ دراسة نتائج فعالية العلاج السلوكي المعرفي لمجموعة واسعة من الاضطرابات والمشكلات النفسية والطبية ذات المكونات النفسية، كما أظهرت العديد من الدراسات أيضاً أن العلاج السلوكي المعرفي يساعد في منع أوتقليل شدة النوبات المستقبلية..
وفي هذا السياق تشير الدكتورة مي لحام الاختصاصية بالعلاج النفسي خلال المؤتمر الأول للطب النفسي السوري الروسي في بحثها حول العلاج السلوكي إلى أن الدراسة التي أجراها «فون براشيل» وزملاؤه عام ٢٠١٩ أن المرضى الخارجين الذين يعانون مجموعة من الاضطرابات النفسية والذين عولجوا بالعلاج السلوكي المعرفي في الرعاية الروتينية استمروا في التحسن لمدة تتراوح بين خمسة وعشرين عاماً بعد انتهاء العلاج..
وأثبتت أيضاً أن العلاج السلوكي المعرفي يميل إلى إحداث تأثيرات أكثر استقامة من الأدوية بمجرد إيقافها..
وذكرت الدكتورة لحام أنه تم تطويره في الأصل كعلاج قصير المدى للاكتئاب ثم تطور على مدى السنين ليشمل غالبية الاضطرابات النفسية ومنها اضطرابات المزاج، والقلق، نوبات الهلع، اضطرابات الأكل، اضطراب الوسواس القهري، واضطراب مابعد الصدمة، واضطراب ثنائي القطب، والذهان بما في ذلك الفصام..
وبينت لحام أنه يمكن أن يساعد العلاج المعرفي السلوكي أيضاً في حل مشكلات أخرى بما في ذلك صعوبات النوم، الضغط النفسي، الغضب، تدني تقدير الذات، إضافة للحالات الصحية الجسدية مثل الألم المزمن والتعب الشديد حيث يستخدم في كافة الأعمار بمن فيهم الأطفال، فعلى سبيل المثال لا الحصر الفرد الذي يعاني من الاكتئاب ويطلب منه الدراسة للامتحان جراء هذا الموقف قد يفكر ويقول: « لا أستطيع التركيز، أشعر بشيء خطير يلازمني، لن أتحسن أبداً.. الأفكار التلقائية هذه ونتيجة ذلك يزداد حزنه وبؤسه كرد فعل عاطفي فيتوقف عن القراءة تماماً، مسجلًا بذلك رد فعل سلوكي، وحين يشعر بثقل في صدره توصف الحالة بردة فعل فيزيولوجية..
دواعي العلاج وإذا ما سألنا عن دواعي استخدام العلاج المعرفي، تذكر الدكتورة لحام أنه يساعد في إزالة وتخفيف أعراض الاضطراب النفسي أو الضيق النفسي كعلاج مستقل أو بالاشتراك مع الدواء، منوهة إلى أهمية تعديل المعتقدات والمخططات الأساسية التي تساهم في تطوير الاضطرابات والحفاظ عليها ..ضرورة معالجة المشكلات النفسية الاجتماعية مثل الخلاف الزوجي وضغوط العمل وإرهاب مقدمي الرعاية التي قد تكون سبقت الاضطراب أو مترافقة معه و كانت نتيجة عنه، داعية إلى تقليل احتمالية الانتكاس أو تكرار الاضطراب بعد زوال الأعراض..
ومن دواعي العلاج أيضاً هو زيادة الأثر بالعلاج الطبي الموصى به مثل الأدوية وفقدان الوزن، وإثارة مرضى السكري أو تخفيف تأثير الحالة الطبية على مستوى الأداء «كالألم المزمن والسرطان»..
كيفية التقديم.. وعن كيفية تقديم العلاج المعرفي السلوكي أوضحت الدكتورة لحام أنه يمكن أن يقدم العلاج المعرفي السلوكي المباشر وجهاً لوجه، أو عبر الإنترنت أو عبر المساعدة الذاتية من خلال كتاب ما أو برنامج عبر الإنترنت أو تطبيق معين ، وذلك مع أو بدون أدوية نفسية حسب شدة الأعراض، ميزاته..
ومن ميزات العلاج السلوكي المعرفي ذكرت الدكتورة لحام أنه قصير نسبياً مقارنة مع باقي العلاجات النفسية من ٦-٢٠ جلسة، مدة كل جلسة من ٥٠- ٦٠ دقيقة فهو يركز على الحاضر، ويتميز بالعلاقة النشطة بين المعالج والمتعالج، إلى جانب مراقبة ومتابعة تطور العمل خلال الجلسات.