الثورة _ حسين صقر:
ما أن يحل فصل الشتاء في المناطق الجبلية الباردة، حتى تبدأ رحلة العذاب المضنية بحثاً عن قطعة حطب هنا وأخرى هناك لإشعالها و حماية أفراد الأسرة من القر، حيث يضطر الفلاحون لتقليم أشجارهم في وقت مبكر لتأمين تلك المادة، و لاسيما مع قلة الكمية الموزعة من مازوت التدفئة وعدم كفايتها سوى لبضعة أيام من فصل يمتد في تلك المناطق لنحو ستة أشهر.. أسعار الحطب لهذا الموسم سجلت ارتفاعاً ملحوظاً عن العام الماضي، إذ وصل سعر الطن الواحد منه إلى أكثر من مليوني ليرة، وعند بعض التجار إلى مليونين ونصف المليون، ومثلها أسعار مادة التفل الناتجة عن عصر الزيتون.
ويقول المواطن ع. ص: إن أسعار الحطب ارتفعت نحو مئة بالمئة عن العام الماضي وما سبقه، بعد أن سجلت على التوالي حوالي 500 ألف للطن، وفي العام الذي تلاه بحدود المليون ليرة، وهو ما يضع المواطن أمام حالة من الذهول أمام الارتفاع الجنوني، حيث يتذرع تجار الحطب بارتفاع أسعار المحروقات التي انعكست على كلفة تقطيعه ونقله.
مواطن آخر عبر بالقول: إن ما يحدث يدق ناقوس الخطر، لأن بعض الأشخاص ممن لايمتلكون المال لتدفئة أولادهم يلجؤون لسرقة الحطب، وبعضهم يذهب للاقتطاع من الحراج، والبعض الآخر يقوم بقطع الأشجار المثمرة والمعمرة والخضراء من أراضي الغير، وهو ما يثير عدداً من التساؤلات حول استمرار هذه الحالة.
وعبر المواطن س. ع بالقول: ألجأ في بعض الأحيان لجمع الأغصان الرفيعة الناتجة عن التقليم من أهل الخير ومالكي الأراضي، وهذه الأغصان طبعاً لاتكفي لأنها تشتعل بسرعة، وبالتالي لاتوفر التدفئة، ولهذا ألجأ لجمع المخلفات من الكرتون والورق والنايلون والأحذية القديمة دون النظر للمشكلات الصحية التي تسببها.
أحد تجار الحطب قال: إن أسعار الحطب تختلف باختلاف نوع الشجر الذي جرى تحطيبه، وحسب درجة يباسه، حيث يبدأ بمليون وثمانمئة ألف ليرة للطن الواحد وتصل إلى أكثر من مليونين ونصف المليون، وحسب مسافة نقله، والنوعية وحسبما إذا كان المعروض للبيع جذراً أو ساقاً.
وأرجع التاجر ارتفاع سعر الحطب هذه السنة إلى كثرة الطلب على المادة، وقلة المعروض منها في السوق، خصوصاً أن أغلب ما يتم عرضه يأتي من محافظات أخرى ما يعني مزيداً من أجور النقل والتكاليف.
و أضاف أن هناك تنوعاً في المعروض من الحطب، بين خشب الزيتون الأكثر طلباً والأعلى سعراً، فيما يشمل البعض الآخر أشجار الكينا والسرو والحراجي.
ويقول تاجر آخر زاد اعتماد المواطنين في موسم الشتاء على الحطب للتدفئة، في ظل ساعات التقنين الكهربائي الطويلة والمتزايدة، وبعد أن تراجعت كميات مخصصاتهم من مادة المازوت، وعدم كفاية الموزع منها، بعد أن جرى تخفيضها على التوالي من مئتي ليتر إلى مئة ثم إلى خمسين ليتراً.
السوريون في كل عام يبدؤون التفكير في الشتاء اللاحق مع نهاية الفصل في كل سنة، ولهذا وصف العديد من المواطنين سوق حطب التدفئة مثل «البورصة»، مشيرين أن بورصة أسعار الحطب افتتحت تعاملاتها مبكراً هذا العام، وذلك في ضوء كثرة الطلب على الشراء في الفترة الحالية، و أن عدداً كبيراً من الناس يفكرون بشراء حطب التدفئة قبل بداية فصل الشتاء نظراً لاعتقادهم أن الأسعار ستتضاعف مع بدء برودة الطقس والدخول في موسم الشتوية بعد شهر على الأقل، و لإدراكهم أنهم ربما لا يحصلون على مخصصاتهم من وسائل التدفئة بالسعر المدعوم إلا بعد نهاية فصل الشتاء في حال تمكنوا من الحصول عليها، وأوضحوا أن كثرة الطلب على شراء حطب التدفئة حالياً جعل التجار يتحكمون بالأسعار.