الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
يشكل افتتاح الرئيس الصيني شي جين بينغ دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة في مدينة هانغتشو الصينية يوم 23 أيلول الجاري، يوماً عظيماً لآسيا بأكملها. ويشارك في البطولة أكثر من 12 ألف رياضي من 45 دولة ومنطقة عبر القارة، إنها أكبر وأشمل دورة ألعاب آسيوية في التاريخ.
بادئ ذي بدء، إنه حدث رياضي في آسيا له تأثير عالمي، يتنافس الرياضيون من مختلف البلدان والمناطق في آسيا بقوة على أرض الملعب وبأفضل مهاراتهم.
إنه ليس مجرد حدث رياضي، وحين يكون الوضع الدولي معقداً ومتوتراً، فإن آسيا لا يمكن أن تكون استثناءً.
إن الاستضافة الناجحة لدورة الألعاب الآسيوية جعلت العالم يشعر عموماً بجاذبية الوحدة والصداقة.
لدى الشعب الصيني بشكل عام مشاعر وذكريات خاصة حول الألعاب الآسيوية، لأن الألعاب الآسيوية الثلاث تمثل المنعطفات الثلاثة المهمة بالنسبة للصين وهي تحتضن العالم.
كانت دورة الألعاب الآسيوية في بكين عام 1990 أول حدث رياضي دولي شامل واسع النطاق تقيمه الصين. لقد ألهمت بشكل كبير روح الوطنية والفخر لدى المجتمع الصيني، ولا يزال الشعب الصيني الذي عاش تلك الحقبة يتذكرها بوضوح.
وبعد عشرين عاماً، وفي دورة الألعاب الآسيوية التي استضافتها مدينة قوانغتشو عام 2010، اندهش العالم من هذه المدينة شديدة الانفتاح والمعجزة الاقتصادية التي حققتها الصين. إن دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو اليوم تثبت بشكل كامل نضج وثبات دولة كبيرة في مفهوم “الأخضر”، و”الذكي”، و”المقتصد”، و”المتحضر”، وهذا دليل على مسؤولية الصين كدولة كبرى.
لن يشك أحد في مستوى التنظيم وروعة دورة الألعاب الآسيوية في هانغتشو، وفي الشهر الماضي، استضافت مدينة تشنغدو بنجاح دورة الألعاب الجامعية الصيفية الحادية والثلاثين.
وفي العام الماضي، استضافت بكين بنجاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وقبل ذلك، كانت هناك دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في بكين عام 2008.
إن الأحداث الرياضية الدولية التي تستضيفها الصين في أوقات مختلفة وفي مدن مختلفة لها خصائص ونكهة محلية مختلفة. إنها تظهر مستويات مختلفة من الروعة، لكنها تترك نفس الانطباع العميق على العالم.
فقد أصبحت الأحداث الرياضية الدولية التي تقيمها الصين علامة تجارية مشهورة، فهي توفر أفضل أماكن وبيئة المنافسة للرياضيين من جميع أنحاء العالم، وقد تركت للعالم العديد من المشاهد والأرقام القياسية التي ستظل محفورة في التاريخ.
ومن الممكن أيضاً أن ننظر إلى هذا باعتباره لحظة جديدة من الوحدة في آسيا. فهو يجمع أعضاء المجلس الأولمبي الآسيوي (OCA) ويرفع الشعور بالوعي الآسيوي والوحدة إلى آفاق جديدة. وعلى عكس الألعاب الأولمبية، حملت الألعاب الآسيوية أهمية الاستقلال السيادي للدول الآسيوية ووحدتها منذ بدايتها.
وبعيداً عن الرياضات التنافسية، فهي بمثابة وعاء روحي للقارة الأكثر اكتظاظاً بالسكان واتساعاً وتنوعاً في العالم للالتقاء والمضي قدماً.
وباعتبارها جسراً للتواصل والمصالحة والصداقة، فإن الألعاب الآسيوية لا تظهر قوة الرياضيين فحسب، بل توفر أيضاً القوة للوحدة والتعاون في آسيا والعالم. وقد حظيت هذه الروح وهذه القوة بدعم مستمر من الصين وتستحق التقدير من الجميع.
وفي السنوات الأخيرة، ومن خلال الجهود الجماعية لمختلف البلدان والمناطق في آسيا، حققت القارة نجاحاً ملحوظاً في مجال السلام والتنمية. ولا يمكن إنكار أن البيئة العامة للتعاون والتنمية في آسيا تواجه اليوم تحديات غير مسبوقة. وفي ظل تحريض من قوى خارجية، نشأت انقسامات واضحة ومحتملة داخل آسيا، مع تزايد وضوح علامات التمايز والانقسام. ويزيد ظل “الحرب الباردة الجديدة” الذي يلوح في الأفق من التعقيد.
إن آسيا تقف حالياً عند مفترق طرق ولحظة محورية في تاريخها، كما أن الاختيارات المتخذة الآن سوف تحدد مصير آسيا في المستقبل.
إن دورة الألعاب الآسيوية، على ساحتها الرياضية، تشير في الواقع إلى طريق واعد لآسيا، وهو طريق الكفاح من أجل التقدم والوحدة في التعاون.
ومع افتتاح دورة الألعاب الآسيوية، يغني العديد من الصينيين مرة أخرى أغنية “كنوز آسيا” التي تعود إلى عام 1990 عندما استضافت الصين دورة الألعاب الآسيوية لأول مرة: “في آسيا لدينا، الجبال هي رؤوسنا العالية.” إن تأثير “النمور الآسيوية الأربعة” و”التنينات الآسيوية الأربعة” والتطور السريع الذي شهده الاقتصاد الصيني كان بمثابة تجسيد حقيقي لمشاعر “الكنوز الآسيوية”.
المصدر – غلوبال تايمز