الثورة – لقاء ريم صالح:
أكد الدكتور بسام أبو عبد الله الباحث والمحلل السياسي والمختص في الشؤون الدولية والجيو سياسية أن زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين في هذا التوقيت وفي هذا الظرف الدولي المتحول وفي ضوء ما نشهده من محاولة رسم عالم متعدد الأقطاب أو ظهور عالم متعدد الأقطاب ما من شك أنها تأتي ضمن هذا الإطار، بمعنى أنها جزء من هذا المشهد الدولي خاصة وأن سورية هي بلد مهم جداً في إطار هذه المواجهة العالمية.
فهي بلد دفع آلاف الشهداء والجرحى والضحايا والخسائر الاقتصادية ضمن إطار مواجهة مشروع الهيمنة الأمريكية لأن قراءة هذه المعادلة مهمة جداً خاصة وأن زيارة الرئيس الأسد إلى الصين والحفاوة التي استقبل بها تعكس هذه المعادلة التي دفع ثمنها الشعب السوري من دماء أبنائه ومن ثروته ومن صبره ومن تحمله طيلة ١٣ عاماً.
وأضاف أن هذه الحرب لا تزال مستمرة لذلك فإن الرئيس الأسد يذهب كزعيم مهم جداً ضمن إطار هذه الرؤية العالمية لعالم متعدد الأقطاب كانت سورية تؤيده دائماً، وتدعمه باستمرار في تصريحاتها وله أساس فكري وسياسي وثقافي في بلدنا سورية والتي تاريخياً تواجه الاستعمار بشكليه القديم والجديد وضمن هذه الرؤية يجب أن نقرأ هذه الزيارة.
وأوضح أن هذه الزيارة أتت بعد قمة كورية ديمقراطية روسية استمرت ٦ أيام ولقاء بين الرئيس بوتين والرئيس كيم جونغ أون وأيضاً أتت خلال زيارة وزير الدفاع الروسي إلى إيران وأيضاً خلال زيارة الرئيس الأسد إلى الصين، وكان وزير الخارجية الصيني وان غي في موسكو والتقى بالرئيس بوتين.
وأكد د. أبو عبد الله أن هذا الحراك الدبلوماسي والاهتمام الصيني الكبير بزيارة الرئيس الأسد يعكس أهمية سورية أولاً كما يعكس أهمية الرئيس الأسد وموقفه وصبره وقيادته لبلده في ظروف من أصعب ما يكون على الإطلاق، وضمن هذا الصراع العالمي فالزيارة تأتي ضمن هذا الإطار.
وقال د.أبو عبد الله أن هذا البعد نسميه البعد الجيو سياسي والأهمية الكبيرة لسورية والبعد الجيو سياسي هو ليس فقط الموقع أو الاقتصاد أو الثروات، هو مجمل الموقع والاقتصاد والثروات والقيادة السياسية الماهرة الهامة ومجمل الإرث الثقافي والتاريخي والحضاري الذي تستطيع أن توظفه أنت في الدور الذي يمكن أن يلعبه بلد صغير كسورية، فنحن لسنا بلداً كبيراً أو ضخماً ومواردنا محدودة ومع ذلك نؤمن باستقلالنا السياسي ونؤمن بقرارنا الوطني وهذا أمر تاريخي لدى الشعب السوري الذي عكسه الرئيس الأسد لأكثر من عقدين من الزمن.
ولفت د. أبو عبد الله أن النقطة الأخرى في هذه الزيارة أنه تم توقيع اتفاق شراكة استراتيجية بين سورية والصين ومستوى الشراكة الاستراتيجية هو المستوى الأعلى لعلاقات الصين مع الدول الأخرى، وهذا تأكيد على دعم الصين الواضح جداً في هذه الوثيقة لوحدة سورية وسيادتها واستقلالها وأيضاً رفض الصين للاحتلال الأمريكي وأي شكل من أشكال الاحتلالات ونهب الثروات ووقوفها مع وحدة سورية واستقلالها وسيادتها، وأيضاً الوثائق التي وقعت في مجال التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، وأيضاً أن تكون سورية جزء من “حزام واحد طريق واحد”، خاصة وأن أهميتها تكاد تكون واضحة بعد قمة العشرين وتوقيع اتفاق الممر الأمريكي من الهند باتجاه دول الخليج والأراضي الفلسطينية المحتلة ثم باتجاه أوروبا، وبالطبع هنا تبرز أهمية سورية كأحد الممرات لحزام واحد طريق واحد وهو المشروع الذي ستحتفل الصين الشهر القادم بذكراه العاشرة حيث أطلقه الرئيس الصيني شي جي بينغ في عام ٢٠١٣.
وأشار إلى أن الواضح أيضاً من حفاوة الاستقبال أيضاً الكلام الذي قاله الرئيس الصيني حول متانة العلاقات الثنائية والتي عمرها ٦٧ عاماً ودور سورية التاريخي في دعم وحدة الصين وفي عودتها لمقعدها في مجلس الأمن، ونحن هنا نتحدث عن سبعينيات القرن الماضي وأيضاً العلاقة المتينة إضافة إلى أنه يجب أن لا ننكر إطلاقاً على الصين وقوفها كصديق قوي ووفي من خلال ٨ فيتوات استخدمتها في مجلس الأمن ومن خلال الدعم الإنساني، ولكن ما تطمح إليه سورية والصين أيضاً هو موضوع رفع مستوى الدعم الاقتصادي ودور صيني أكبر فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية حيث تعاني سورية من ظروف اقتصادية صعبة للغاية وبالتالي أعتقد أن هذه الزيارة سيكون لها نتائج هامة جداً لكن ليست نتائج على مبدأ ضغطة زر، وأرجو أن لا نقع في المبالغة فيما يتعلق بهذا الشيء لأن التحولات الكبرى والتحولات في العلاقات تحتاج إلى زمن كما تحتاج إلى عمل وإلى من هو مؤمن بهذه العلاقة ليدفع بها إلى الأمام.
وشدد د. أبو عبد الله على أنه يميل إلى ضرورة التحدث بهدوء عن هذه العلاقة ولكن بحماس وبثبات وبإيمان بهذه العلاقة والأهم من ذلك أن نعمل على تعزيز هذه العلاقة ليس بالكلام فقط وإنما بالأفعال.
منهل ابراهيم, [24/09/2023 04:57 م]
وختم كلامه بالقول إن زيارة الرئيس الأسد إلى الصين زيارة تاريخية هامة ومفصلية في المشهد الدولي والإقليمي وسيكون لها انعكاس في المستقبل على مستقبل سورية والشعب السوري.