كي لا يزددن هشاشة.. تمكينهن طوق نجاة

الثورة- منال السماك:
بدت بجسد هزيل واهن، ونظرات حزينة مرتبكة .. صادف جلوسها بجانبي في سيرفيس نحو منطقة الصناعة، أجرت عدة اتصالات خلوية مع خالاتها وأخوالها، كانت تتوسل وتتذلل كطير مذبوح بحثاً عن مأوى لها ولطفلتها الصغيرة، بعد طردها من منزل الزوجية، لتخرج هائمة على وجهها تحمل حزنها الكبير بقلبها الصغير، وأمتعتها القليلة بكيس مهلهل فقير، يشبه حظها العاثر مع زوج بخيل ظالم، فرضه القدر عليها وهي قاصر، لتصبح كورقة شجر تتقاذفها الرياح في جو أسري عاصف.
ماذا بعد الطلاق ؟
أنهت اتصالاتها الخلوية وكانت دموعها تتسلل من عيونها لتحكي على خدها وجعها الذي انفجر من أعماقها بركاناً يحرق زهرة شبابها .. وأخيراً وافق الخال لتحل عليه ضيفة مع ابنتها الصغيرة ريثما تتدبر أمرها بعد الطلاق، هذا كان بعد رفض الخالات استضاقتها لوجود أبناء في سن الشباب لديهن، وهذا بعرفهن الاجتماعي غير مقبول، ولكن موافقة الخال كانت مشروطة، لتكون إقامتها عنده بشكل مؤقت لا تتجاوز مدتها الشهرين أو الثلاثة ريثما تجد عملاً وتتدبر أمرها.
أين عائلتك لماذا لا تلقين بهمومك على كتف الأب وتلوذين من عنف الزوج بحضن الأم ؟ كان بوحها أن عباءة الأسرة مزقتها خلافات أسرية لتنهار أعمدتها على رصيف تفكك أسري، وتحيلها ركاماً غير صالح لاحتواء ابنة هاربة من زوج بخيل، ولو بسد الرمق وسند جسد من الجوع، وحماية طفلة من نقص تغذية، سكير لغته ضرب موجع، تمرس الخيانة الزوجية ضارباً عرض الحائط بالأخلاق والقيم والأعراف الاجتماعية.
تقول ريم ذات الثامنة عشر عاماً: خلافات والدي ووالدتي أدت إلى انفصالهما وكل منهما تزوج مجدداً، كنت أقيم عند والدي ولكن الجحيم أرحم من البقاء عنده، كيف لأب أن يتحرش بابنته ويحاول الاعتداء عليها .. هل هذا أب ؟ وهذا ما يجعلني أفضل البقاء في الشارع عن اللجوء إليه.
بين عنف ذكوري وضيق أسري
إنهن نساء صغيرات بعضهن ما زلن يكبسن ملحاً على جروحن ويتألمن بصمت، وفي كل يوم يمارسن فنوناً من الصبر والتحمل من أجل البقاء والاستمرار منعاً لتصدع أركان عائلة هن بأشد الحرص على حمايتها من التفكك وفقدان الأمان ..
عبير ذات العشرين عاماً تزوجت وهي قاصر أيضاً، ولكن الحياة الزوجية لم تجر كما تشتهي سفينتها الطامحة للسكينة والرحمة، فالزوج فاقد للثقة بنفسه وبمن حوله، يشبعها ضرباً وإهانة، ما جعل البقاء عنده عذاباً بعذاب، وهذا دفعها للشكوى عليه لدى الشرطة، وطلب الطلاق للعيش بسلام، ولكن اللجوء إلى الأهل لم يكن كما تحلم، فضيق الحال المادي للأب جعل بقاءها في منزل الأهل محالاً، تقول ريم: طلب مني والدي العودة لمنزل زوجي والتراجع عن طلب الطلاق والتنازل عن الشكوى ضده، لأنه لاطاقة لوالدي بتحمل نفقاتي ومصاريف أولادي.
رغم كل الشعارات الرنانة التي تنادي بنبذ العنف الواقع على المرأة، ولكنه ما زال واقعاً معاشاً، يصرخ بصمت خلف الأبواب المغلقة، لتقع المرأة بين فكي كماشة تعتصر وجعاً وقهراً، وكمحارب أوقعه حظه العاثر بين عدو من خلفه وهاوية سحيقة من أمامه خياران كلاهما مر.
الخضراء: كوني متمكنة لا عالة


حول هذا الموضع تحدثت الاستشارية الأسرية واختصاصية تطوير الذات الأستاذة نائلة الخضراء بالقول: العنف الممارس على المرأة بات منتشراً وخاصة في ظل الظروف الراهنة، فالوضع المعيشي الصعب والذي تعاني منه أغلب الأسر السورية فرض ضغوطاً نفسية على أرباب الأسر، ما جعل البعض منهم غير قادر على تلبية احتياجات زوجته وأولاده، إضافة إلى شعوره بالذنب بسبب عجزه عن تقديم الطعام واللباس ولو بالحدود الدنيا، وهذا فاقم الخلافات الزوجية وزاد من حالات الطلاق.
وتتابع الأستاذة نائلة بالقول: في حالة وقوع الطلاق غالباً ما تتاثر به المرأة غير المتمكنة مادياً، فلا تجد مكاناً يؤويها ولا معيلاً يتكفل بمصروفها، واللجوء إلى أهلها أو أقاربها ليس بالأمر السهل، وخاصة في ظل هذه الأزمة الاقتصادية، لذلك على المرأة أن تعد نفسها لأي طارىء أسري، إما أن تكون متعلمة بيدها شهادة كسلاح تستخدمه وقت الضرورة، وإما تتعلم مهنة أو حرفة تعينها على غدرات الزمن، فهناك الكثير من الأشياء التي يمكنها تعلمها لتكون مصدر رزق لها، كاتباع دورات الحلاقة والخياطة والكروشيه .. الخ .
وتلفت الأستاذة نائلة إلى ضرورة ألا تكون المرأة الحلقة الأضعف بالمجتمع، وعليها أن تجد فرصة عمل في حال الطلاق كي لا تكون عبئاً على أهلها، ولتكون فعالة وإيجابية ومنتجة، فلا يتذمرون من مصروفها، وفرص العمل متاحة في عدة مجالات، وقد أثبتت المرأة جدارتها في سوق العمل، بل وباتت مفضلة عند أرباب العمل لما تتمتع به من صبر وإتقان وتميز، فعندما تكون مكتفية ومتمكنة مادياً لن تتأثر بالانفصال، واستقلالها مادياً سيجعلها أكثر جرأة لرفض العنف الواقع عليها من قبل الرجل.

آخر الأخبار
الفرملي: تنسيق مع منظمتي "بلا حدود" و "حماية المدنيين" لتقديم منحة لدعم التأمين الرقمي  أهالٍ من القنيطرة يحتفلون برفع العقوبات عن سوريا احتفالات  في حمص برفع العقوبات رئيس اتحاد غرف التجارة السورية : رفع العقوبات سيسهم في عودة الاقتصاديين إلى وطنهم وتدفق الاستثمارات رئيس غرفة صناعة دمشق لـ"الثورة": رفع العقوبات هو التحرير الثاني لسوريا خبير اقتصادي  لـ"الثورة": رفع العقوبات يفتح باب الاستثمار ويحسّن مستوى الدخل الاقتصاد السوري بعد 13 أيار ليس كما قبله...  خربوطلي لـ"الثورة": فرص الاستثمار باتت أكثر من واعدة ماذا بعد رفع العقوبات..؟ الدكتور عربش لـ"الثورة": فتح نوافذ إيجابية جداً على الاقتصاد نائب وزير الطوارئ لـ "الثورة":  حرائق الغابات التهمت 150 هكتاراً جامعة دمشق تناقش أهمية إدخال تقنيات  الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار لتقديم أفضل مرور إنترنت في سوريا  الاتصالات تطلق مشروع "سيلك لينك" احتفالات كبيرة في طرطوس برفع العقوبات.. وإعادة التعافي للقطاعات  الشيباني: قرار ترامب برفع العقوبات نقطة تحول محورية للشعب السوري الأمم المتحدة ترحب بقرار ترامب رفع العقوبات على سوريا ترامب يعلن من الرياض رفع العقوبات عن سوريا "الاقتصاد والصناعة" تمنع تصدير الخردة الزراعة" و"أكساد" تطلقان دورة تدريبية لتشخيص الديدان الكبدية والوقاية منها إخماد حرائق غابات ريف اللاذقية انتهى.. والتبريد مستمر يوم حقلي لملاءمة أصناف القمح مع بيئة الشمال  الصحة: دعم الجهود الوطنية في التصدي لتفشي الكوليرا