الثورة- غصون سليمان :
في اليوم العالمي لكبار السن يرتعد الكلام في أفواه المحبين وكذلك المقصرون على السواء .. هي ليست وصفة لطبق من طعام ولا موعد لإعطاء الدواء،هي لحظة وجد لساعة من شقاء وأخرى من نعيم ..وما بينهما مساحة كبيرة من ذكريات لاتنسى.
كبار السن هم بركة العائلة لعله عرف اجتماعي ساد لفترة طويلة من الزمن وهكذا يفترض أن يدوم، فنحن ننتمي إلى جيل تربى على هذه المقولة فعلاً وسلوكاً إذ كان للجد والجدة مهابة كبيرة في الأسرة وكذلك الأب والأم اللذان يحرصان باستمرار على تنبيه الأبناء والأولاد لأن يكونوا لطيفين في تعاملهم وكلامهم معهم..
اليوم ومع مرور الزمن واختلاف أساليب التربية ومعايير حدود الأسرة وانتقالها من بيت جامع لجميع الأبناء إلى طموح كل شخص بأن يسكن وحده، تغير منطق التفكير وأسلوب العيش في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة فرضتها أحداث ومعارك طارئة، فإلى جانب ثورة التطور الهائلة للتقنية والمعلومات،بات كبار السن أكانوا جداً وجدة أو آباء وأمهات عند الكثير من الأشخاص والأسر فتظهر معالم التذمر والتأفف دون خجل أو حياء ..سلوك قاهر بالطبع لمن ربى وعلم وضحى بوقته وعافيته وراحته من أجل أبنائه ليجدهم في النهاية غرباء جاحدين وناكري جميل.
في دور العجرة أو دور السعادة كما تسمى.. يحزنك المشهد لعدد كبير من النساء والرجال وإن كانوا بإشراف ورعاية مؤسسات الدولة حيث يقدم لهم جميع الخدمات التي يحتاجونها على الصعيد الصحي والنفسي والاجتماعي..
إلا أن غصة كبيرة تبقى في أعماقهم وهم في شوق إلى همسة من شفاه أحفادهم ولمسة حنان من أبنائهم الذين هاجروا وابتعدوا ولم يعد أحد يسأل منهم إلا القليل لمن تركوهم في بيئة غير بيئتهم وجدران جديدة لاتدفىء عظامهم المنخورة من تعب السنين.
بالأمس كانت دمعة ذاك المسن المنتظر على بوابة منزله المنسي في نهاية تلك الحارة البعيدة عن منازل القرية ،تفجر في أعماق كل من رآه ويراه ألف سؤال وسؤال، ما فائدة الأبناء والأولاد إن لم يكونوا بارين بآبائهم وأمهاتهم ولو بالكلمة الطيبة على الأقل لمن يترك هؤلاء وإن كان لا شيء سوى غطاء الأسرة والأهل.