الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
أبدع الفنانون والأدباء والتشكيليون في مجالاتهم. بعضهم أنتجوا لوحاتٍ ونصوصاً غاية في الأهمية؛ فيما نأى البعض الآخر عن الساحات والأسباب؟
الأدب
الأديبة سهير زغبور رأت أنَّ الأدب منذ نشأته تميَّز بأدواته الخاصة. بدأت بسيطة بروايته شفهياً ثم تدرَّجت إلى توثيقه كتابة حتى أتى عصر الطباعة ومن ثم تقنية الشابكة. وفي كلِّ المراحل ترك بصمته ولم يفقد يوماً أهميته أو الإقبال عليه لأنَّه حاجة إنسانية حقيقيَّة ترفد ذات الأديب والمجتمع معاً بطاقة تمدّهم بالوعي والتجدُّد والتقدُّم، لافتةً بأنَّ التجوال في طريق الأدب يوصلنا إلى الحديث عن واقعه في بلدنا اليوم .فلا يجهل أحدٌ أنَّ سورية رفدت الأدب منذ القديم بكلِّ مقومات الاستمرار وهيَّأت له كلَّ ظروف الإسقاطات الحياتيَّة على أبجديته فكانت المراكز الثقافية والمسارح ودور النشر واتحاد الكتَّاب العرب ينمو أكثر إلا أنّه لا يخلو من بعض الهنَّات في محطات عدة كتراجع موضوعاته المجتمعية لتصبح أقرب إلى الذاتية فيخرج الأدب عن هدفه الأسمى كونه نبض المجتمع، ويتمُّ استبدال الطباعة الورقيَّة بالنشر على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يزول بكبسة زر فتمحوه الذاكرة بلمح البصر، كما بتنا نفتقد سماع الأديب أكثر من السابق وعلى المنبر وأمامه جمهور يصغي بروحه قبل أذنه للكتابات الأدبية الروائية. بدأنا نشعر أنّ المسرح يناديها قبل أن تجفَّ عروقه بانتظارها ويفضي إلى تكثيف الجهود لإزالة العقبات الحاجبة ألق الأدب ولو نسبياً كي نعيد له انسيابيته في روحنا ومجتمعنا.
غنية بالمدارس
نائب نقيب الفنانين التشكيليين لينا ديب تعتبر الحركة التشكيلية السورية غنية بالاتجاهات والمدارس الفنية، فتجد أنَّ حركة المعارض الفنية الجماعية والفردية، تشهد تصاعداً ونشاطاً متنوعاً في المحتوى والموضوع والأسلوب، ومليئة بالتجارب الفنية، مُشيرةً بأنَّها تميَّزت في العقود الأخيرة من القرن العشرين بزيادة النشاط الفني، رغم الدعم الخجول من الجهات الرسمية للفن من خلال تنظيم المعارض واقتناء الأعمال الفنية وأرشفتها، ونشاط ملحوظ من قبل أصحاب صالات العرض العامة والخاصة، وأيضاً توجّه الفنان السوري للعرض خارج البلاد.
وأكَّدت بأنَّ جلَّ ما يعاني الفنان التشكيلي منه غياب الثقافة الفنية لدى الجمهور حيث يمكننا القول بأنَّه كان نخبوياً على الدوام، وأكثر المهتمين بالحركة التشكيلية يعانون من ضيق ذات الحال، وعلى الرغم من قلة عدد الفنانين التشكيليين، إلا أنهم استطاعوا بناء شخصية فنية متميزة حققوا لها حضورها في المجتمع الثقافي على مستوى العالم، إضافة إلى أنَّ الحرب كان لها بالغ الأثر في نفس الفنان السوري بعد ما شاهده وعاينه من «قتل وتدمير وتهجير».
كما بيَّنت أنَّه لا يمكن لأيِّ مراقب إلا أن ينظر بعين الإعجاب للحركة التشكيلية المعاصرة حيث بذل الفنان السوري جهداً كبيراً لدعمها وتطويرها في بلده، وسعى لتكوين هوية فنية حداثية، فاشتهرت أعمال الفنانين بطابعها المُميَّز وغناها الفكري والجمالي من خلال أعمال حملت موروثاً ثقافياً، ورؤية جمالية خاصة تليق بعراقة البلد النابعة منه.
حقق المشهد
رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في الرقة محمد الرفيع لفت بأنَّ الفن حقَّق حضوراً مُميَّزاً في المشهد التشكيلي على الساحة المحلية والدولية من خلال جيل الروَّاد ومَنْ جاء بعدهم.
بينما يرى بأنَّه تراجع واقعه في السنوات الأخيرة من خلال ظهور تجارب لم تؤكِّد خصوصيتها الفنية وهويتها كما ينبغي وبقي العديد منها تقليداً لما سبق إلا من بعض الفنانين ممَّن تركوا بصمات تُمثِّلهم؛ وما زاد من تراجعه مغادرة العديد من التشكيليين إضافة إلى قلة المعارض الفردية والجماعية في أغلب صالات العرض العامرة سابقاً بنشاطات المبدعين والملتقيات المحلية والدولية والندوات، ما كان لها بالغ الأثر، ناهيك عن اللوحات التشكيلية والأعمال النحتية وما كانت تلاقي من رواج واقتناء للعديد منها من قبل الجهات الرسمية أو الخاصة. واستطاع الكثير من تشكيليي سورية الانتشار محلياً وعربياً ما انعكس عليهم بالمردود الاقتصادي المناسب فضلاً عن تاريخ الفنان ومسيرته لكن في ظلِّ الظروف الحالية ومابعد الأزمة صارت معاناة الفنان كبيرة وأصبح يعجز عن دفع ثمن تكاليف اللوحة أو العمل النحتي الباهظ مادياً، وحري بالجهات الرسمية أن ترعى الفنان وتتبنَّى وتقتني الأعمال التشكيلية بما يتناسب مع جهده ومتطلبات حياته وإقامة مهرجانات، ومعارض وفعاليات فنية تحثُّ القطاع العام والخاص على نشر ثقافة الوعي البصري والجمال والارتقاء بواقع يخصُّ الفن والفنان نحو الأفضل.
ظروف صعبة
التشكيلي خالد حجَّار قال: رغم الظروف الصعبة المعاشة للفنان يعتبر مثل جميع أبناء الشعب لكنَّه بقي مُتمسِّكاً بالتزامه بقضايا المجتمع، محاولاً أن يكون نافذة تعبر الصعوبات والآمال. فظهر بشكل واضح من خلال المعارض الفنية الكثيرة سواء كانت عن طريق اتحاد الفنانين التشكيليين وصالاته أو من خلال صالات العرض الخاصة. والاستمرار في العطاء ميزة مهمة اتسم بها الفنان السوري.
أمَّا من ناحية ثانية فإنّ الصعوبات تولد الإبداع فكان هناك الكثير من التجارب الفنية صُقلت خلال الأزمة وتبلورت حاملة آمالاً وآلاماً نعيشها. كما بدا جليَّاً موقفه في نواحٍ مختلفة بدءاً بما مرَّ في سنوات الحرب وآخرها كارثة الزلزال. وكان له موقف مُشرِّف، كما استطاع بعض التشكيليين حجز هوية خاصة بهم أصبحت معروفة داخل وخارج القطر وكأنَّهم سفراء يحملون هويتنا وأحلامنا وآمالنا.
أثبت وجوده
من جهته التشكيلي فريد شانكان ذكر بأنَّ ما مرَّ معه من ظروف قاسية وغير مسبوقة جراء الحرب منذ عشر سنوات وأكثر كان له تأثير كبير فقد عانى ولازال يعاني من أسباب عديدة، أهمها تدهور المستوى الاقتصادي والمعيشي في الداخل من حيث ارتفاع أسعار المواد والسلع المحلية، وبالتالي حكماً ارتفاع أسعار المواد الأساسية لتصنيع اللوحة فأصبحت كلفة المواد الأولية باهظة الثمن ابتداء»بالشاسيه»؛ وانتهاء»بإطار اللوحة».
أمّا الأسباب الأخرى المساهمة في تفاقم معاناته كوجود الشللية بين الفنانين من جهة والأنانية وعدم وجود لجان تحكيم نزيهة تساهم في إعطاء الفنان القدير المبدع ما يستحق وتُسلِّط الضوء على إبداعاته؛ مايؤدِّي إلى حرمانه وتحطيمه معنوياً والسعي لتهميشه، وبالتالي ظهور وخلق نوع من الفن الهابط بشكل تلقائي، فيواجه الفنان مشكلة عند تقدُّمه بالعمر لعدم وجود راتب تقاعدي. وتساءل مستفسراً: هل تعتبرين ١٥٠٠٠ راتباً، وهناك التزامات عليه القيام بها ودفع مبالغ للاتحاد للحصول على الراتب التقاعدي، علماً بأنَّ عددهم حسب علمي يتراوح من ١٠ إلى ١٥ فناناً، ولا يساعده على المعيشة في ظل ظروف حالكة ولاتوجد أيضاً جهة حكوميَّة تتبنَّى ترويج فنه وبيع لوحاته.
الدراما السورية
مدير شركة إنتاج فني وتوزيع موسيقي فاروق عمر سحلول قال: الفن حالياً بالنسبة للدراما السورية جميل جداً وكان قبل الأحداث أفضل حتى أثبت جدارته في أنحاء الوطن العربي وفي البلدان الأجنبية الآن. رغم أنَّ الدراما السورية خطت خطوات واسعة قبل السنوات العجاف. وكلنا يعلم أن سورية تحتوي كتَّاباً مبدعين من جهة المسرح. هناك مآخذ مُحقَّة مع أنَّ الممثل على المسرح يبقى أفضل من ممثل الدراما وكان لجهاز الخليوي وبرمجياته أثر سيء.. وكل ما يشاهده المتلقي موجود على صفحات التواصل اليوتيوب ما سبَّب تراجعاً في نسبة الجمهور.
العدد 1161 – 3-10-2023