“طوفان الأقصى”.. هل حققت الانتصار؟

بقلم أمجد عيسى:
أحيت عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي نشوة الانتصار لدى المواطن العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً، وفي الوقت ذاته أثارت سؤالاً بارزاً حول ما الذي سيحدث بعدها؟ وإلى ماذا ستنتهي؟ وهذه الأسئلة، على أهميتها، لا تقلل أبداً من أهمية الإنجاز الذي حققته فصائل المقاومة بمواردها المحدودة في مواجهة كيان ينفق عشرات مليارات الدولارات على جيشه وترسانته من الأسلحة.
تعلم فصائل المقاومة الفلسطينية وجمهورها في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها أن كيان الاحتلال، المعروف تماماً من قبل الشعب العربي بعدم امتلاكه ذرة أخلاق أو إنسانية، سيستخدم كل موارده وترسانته الحربية خلال انتقامه على العملية من أجل استعادة ماء وجهه، أو ما يمكن منه على الأقل، وأن ذلك سيؤدي إلى وقوع الكثير من الضحايا والخسائر، وهذا ما يحدث بالفعل منذ بدء العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة وارتقاء مئات الشهداء من الفلسطينيين، بالإضافة إلى قطع كل وسائل الحياة عن القطاع من ماء وكهرباء وإمدادات أغذية وأدوية وغيرها.
بعد يوم غير مشهود من الارتباك والفوضى وعدم التوازن الذي شهده كيان الاحتلال، أفاقت قيادات الاحتلال من هول الصدمة، وبالإضافة إلى الشروع في انتقامها الهمجي، بدأت بالعمل على الجانب النفسي في مقاتليها ومستوطنيها من جهة وضد المقاومة من الجهة الأخرى وباشرت بإطلاق التهديد والوعيد بمسح غزة عن وجه الأرض، وهذا كله يتوقعه كل من يعلم “إسرائيل” وتاريخها، لكن الأمر المختلف اليوم هو أنه حتى لو تمكنت إسرائيل من تنفيذ تهديداتها بنسف كل شيء في غزة وحرمان فصائل المقاومة من قدرتها على شن هجمات أخرى على الإسرائيليين، فإن نتائج ملحمة “طوفان الأقصى” لن تتأثر وستبقى راسخة في ذاكرة العرب والفلسطينيين وفي عمق الوعي الإسرائيلي لأن ما حققته لا يقتصر على عامل المفاجأة فقط والقيام بعملية الاجتياح بل هو أبعد من ذلك بكثير جداً.
لقد حققت المقاومة الفلسطينية في معركتها اليوم ما يجب البناء عليه في المعارك المقبلة وصولاً إلى الفوز بالحرب، فعملية “طوفان الأقصى” لم تغرق فقط قيادات الكيان بالفوضى والمستوطنين بحقدهم، بل أغرقت أيضاً الكثير من المفاهيم والمصطلحات التي دأبت وسائل الإعلام الكبرى على استخدامها لتشكيل الوعي العربي والعالمي كما تريد، فعبارات “تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة” و”قوة الردع الإسرائيلية” لم تعد قابلة للاستخدام بعد اليوم ولن تتمكن “إسرائيل” وداعموها من إحيائها في المستقبل القريب.
لأول مرة تقوم المقاومة الفلسطينية بفعل بهذا الحجم وتتمكن من اجتياح مناطق والسيطرة على مستوطنات بأكملها، ولو لفترة محددة، بالإضافة إلى نجاحها في قتل وجرح آلاف الإسرائيليين، وأسر أعداد كبيرة غير مسبوقة، وهذا كله بلا شك قلب المعادلة فيما يتعلق بالقدرة الإسرائيلية على الردع أو بتفوقها العسكري في المنطقة، وفي الجانب المقابل، وعلى لسان الإعلام الإسرائيلي، تسببت العملية بحالة من الوهن والضعف والفشل والخيبة والهزيمة على جميع الأصعدة.
لا شك بأن الفلسطينيين بحاجة للوقوف معهم اليوم لتعزيز صمودهم في وجه العدوان الإسرائيلي بجميع السبل المتاحة، لكن، وبغض النظر عن الإجابة عن الأسئلة أعلاه، فيمكن الجزم بأن الانتصار قد تحقق وأنه منجز بشكل كامل ويمكن وضعه إلى جانب الانتصارات التي تحققت في تاريخ العرب الحديث إن كان في حرب تشرين التحريرية عام ١٩٧٣ أو  في تحرير الجنوب اللبناني في ٢٥ أيار ٢٠٠٠، أو في معركة سورية المستمرة ضد الإرهاب منذ ما يقارب ١٢ عاماً.
في الحالة الطبيعية للمعارك فإن الأمر البديهي أن يبني الطرف المنتصر على انتصاره، والطرف الخاسر أن يتعلم الدروس، وكلنا أمل أن تنجح المقاومة في البناء والتحضير للمعركة المقبلة لتكون أقوى من اليوم وصولاً إلى الفوز بالحرب، أمًا ما يتعلق بتعلم “إسرائيل” فهذا، والحمد لله، لا أمل منه بالمطلق وسيقودها إلى الخسارة تلو الأخرى حتى لو حققت بعض النجاحات بين الحين والآخر.

آخر الأخبار
حي غزال في سبينة ..منسي خدمياً.. رئيس البلدية: الإمكانيات محدودة للارتقاء بواقع الخدمات الدعم العربي لسوريا في إعادة الإعمار يؤسس لشراكات اقتصادية واستثمارية سوريا ترسم هويتها العربية الجديدة على أسس المصالح المشتركة الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعلن انطلاق عملها الرسمي من العاصمة دمشق  من العزلة إلى الانفتاح.. سوريا تعود لمكانها الطبيعي في البيت العربي التأهب مستمر لمنع تجدده.. السيطرة على حريق مشهد العالي في مصياف الدفع السياسي يعزز التعاون والتنسيق السوري العربي بمواجهة التحديات الأمنية لم تعد للجميع.. حدائق دمشق لمن يدفع المال تأهيل مهندسي القنيطرة وفق المعايير الحديثة  لماذا لا يُحوَّل سجنا تدمر وصيدنايا إلى متاحف توثّق الذاكرة وتُخلّد الضحايا..؟ الذكاء الاصطناعي ودوره في الوعي المعلوماتي لدى الشباب الجامعي نائب مدير البورصة لـ"الثورة": فترة جس النبض انتهت والعودة طبيعية اتفاقية بين مفوضية اللاجئين وجمعية خيرية كويتية لدعم السوريين في الأردن دور المغتربين السوريين في إعادة الإعمار .. تحويل التحديات إلى فرص هل حان وقت تنظيم سوق السيارات ..؟ وزير المالية يعلن خطّة تطوير شاملة لسوق دمشق للأوراق المالية التنمر الإلكتروني.. جرحٌ لا يُرى وضحايا لا تُسمَع أصواتهم قفزة في الصادرات الأردنية إلى سوريا بنسبة 454% في الربع الأول من 2025 لغز السيارات في سوريا .. يثير ألف سؤال حول توقيت قرارات السماح بالاستيراد أومنعه !!. الخضار الصيفية بدرعا تبحث عن منافذ للتسويق والتصدير