ظافر أحمد أحمد:
بعد الصدمة الأميركية والإسرائيلية والغربية عموما من نجاح المقاومة الفلسطينية بنقل المعركة إلى داخل الأراضي المحتلة، كثّف نتنياهو من تشبيه المقاومة بداعش، وتبعه في هذا المسار وزير الخارجية الأميركي ثمّ الرئيس الأميركي وكل المنظومة السياسية الغربية، وبشكل يتوضح منه بأن هذا التشبيه هو وصفة مطلوب بشكل ممنهج تسويقها سياسيا وإعلاميا.
إنّ الدم الفلسطيني النازف في غزة وغيرها من فلسطين المحتلة يوثق بالحقائق الدامغة عناصر التشابه الكبير بين الكيان الإسرائيلي وتنظيم داعش، خصوصا لجهة قيامهما على مكونات متعددي الجنسيات الذين يوحدهم العامل الديني المتطرف والذي يبيح لداعش التصرف مع كل من يختلف معه وفق متطلبات شعار (سبحان من حللك للذبح)، فيصبح الذبح وفق مفهومه بتفويض إلهي أتاح له تقرير مصير الآخر وتكفيره، وسبقه في ذلك الكيان الإسرائيلي فهو كيان قائم على فكرة تلمودية صهيونية، أقدم من داعش وتنظيم القاعدة بكثير، وتقضي الفكرة بأنّه كيان ل(شعب الله المختار ) وأنّ الخالق حدد واجب التخلص ممن يعارض شعبه المختار، لذلك لا يخجل (كيان الشعب المختار) من استعراضاته بالقنابل الفوسفورية والأحزمة النارية التي تمسح سكان غزّة ومساكنهم بشكل عاصف بينما منظومات كبرى تدّعي تمثيل العقل العربي تسوّق ما أمكنها من مقولات التشابه بين المقاومة الفلسطينية وداعش.
إنّ المقاومة الفلسطينية تمثّل خيارا شعبيا واسعا اعتاد عليه الشعب الفلسطيني الرازخ تحت سلطة الاحتلال وفي الشتات، وعندما خفت بريق النضال المسلح نتيجة غزو العقل العربي والفلسطيني ب”ثقافة السلام” وجد الفلسطينيون أنّ حقهم في تقرير المصير وحق العودة وحقهم في الحياة وجملة حقوق أخرى هي في مهب الريح ومهب المسار الذي سمي مسار السلام، لذلك وجدوا أنّه لا سبيل لتحصيل حقوقهم سوى المقاومة، فكيف لعاقل أن يشبه أصحاب الأرض ودفاعهم عن أنفسهم بأصحاب مشروع داعش الذي استثمرت وتستثمر فيه الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي الكثير حتّى تجعله وسيلة لتغيير الخرائط والأنظمة في الشرق الأوسط للوصول إلى شرق أوسط يتسيده الكيان الإسرائيلي؟
وما الهبة الغربية لمعاضدة هذا الكيان سوى أكبر الأدلة على أنّ الولايات المتحدة ومنظومة الغرب لا ترى الشرق الأوسط إلاّ من بوّابة الكيان الإسرائيلي سيّد الحكم الغربي للمنطقة العربية..، وهذا ما يفرض على كل من يريد شرق أوسط وفق المقاس العربي أن يحسّن تصنيفاته ويحترم المقاومة التي لا تريد أن يتسيدها (المختار الإسرائيلي).