الثورة – ترجمة ختام أحمد:
أمرت “إسرائيل” أكثر من مليون شخص بمغادرة شمال قطاع غزة استعداداً لهجوم بري وشيك.
ويبدو أنهم يخططون لإخلاء وإعادة احتلال جزء على الأقل من منطقة يسكنها حوالي 2.3 مليون شخص – نصفهم تقريباً من الأطفال – وينحدر معظمهم من أشخاص هجروا من منازلهم قبل وأثناء الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948. ويجب أن نفهم أن هؤلاء بشر معرضون لخطر جسيم، وليس مجرد أرقام.
ولنتأمل هنا ما قاله البعض في الجيش الإسرائيلي، “ليس أمام إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان يستحيل العيش فيه بشكل مؤقت أو دائم”، كتب الجنرال الاحتياطي جيورا آيلاند في صحيفة يديعوت أحرونوت، وهي صحيفة إسرائيلية، أن “خلق أزمة إنسانية حادة في غزة وسيلة ضرورية لتحقيق الهدف”. وأن”غزة ستصبح مكاناً لا يمكن أن يوجد فيه إنسان” . وقال وزير الحرب يوآف غالانت: “نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف على هذا الأساس”، وأعلن قائد لواء جولاني أنه في غزة “لن يكون هناك كهرباء ولا ماء ولن يكون هناك سوى الدمار”.
ومن الواضح أن إخلاء غزة من سكانها سيكون عملاً غير إنساني وانتهاكاً للقانون الدولي ويجب على الرئيس بايدن ومستشاريه أن يسألوا أنفسهم كيف يمكن أن يكون من المصلحة الوطنية للولايات المتحدة السماح بتهجير جماعي آخر للفلسطينيين من منازلهم.
ومثل هذه الكارثة ستكون نكبة ثانية، أو كارثة، كما يطلق على تهجير عام 1948.
وبذلك تكون الولايات المتحدة شريكًا لإسرائيل في خلق مستقبل للفلسطينيين لا يقدم سوى الموت والدمار والتشريد والقهر الدائم أو التهجير الدائم.
وقد هاجمت القوات الإسرائيلية غزة ست مرات منذ عام 2006 حتى الحصار الأخير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 4000 شخص.
وعلى الرغم من أن “إسرائيل” تركت غزة تحت سيطرة المقاومة الفلسطينية، إلا أن المنطقة لا تزال تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي ” القانوني بموجب القانون الدولي” ، وفقاً للأمم المتحدة وبعض المنظمات الإنسانية. والأمر كذلك من الناحية العملية أيضاً، نظراً لأن “إسرائيل” يمكنها قطع الوصول إلى الكهرباء والمياه والوقود والغذاء عن جزء كبير من الأراضي.
وقد عرضت إدارة بايدن ما يعتبر دعماً غير مشروط فعلياً لإسرائيل أثناء مهاجمتها لغزة، مستشهدة بمقتل ما يقرب من 900 إسرائيلي ومئات من الجنود وضباط الشرطة خلال هجوم المقاومة وأسر ما يقرب من 150 شخصاً.
وبلغ عدد القتلى الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية حتى يوم السبت 2228 شخصاً على الأقل ، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة. ومعظم القتلى من الجانبين هم من المدنيين، بما في ذلك ما لا يقل عن 724 طفلا في غزة، وفقا للمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال. ومن الجدير بالذكر أنه قبل الهجوم في 7 تشرين الأول، قُتل ما لا يقل عن 200 فلسطيني في الضفة الغربية هذا العام، بالإضافة إلى 30 إسرائيلياً.
ومن الملاحظ أن الخسائر في أرواح الفلسطينيين لم يكن لها تأثير يذكر على سياسة الولايات المتحدة، فبالنسبة للبعض، يبدو أن أرواح المدنيين الأبرياء ليست جميعها متساوية. وفي الوقت نفسه، يبدو أن الدبلوماسيين الأمريكيين يطلبون من مصر استقبال الفلسطينيين الذين ستخرجهم “إسرائيل” من غزة.
ربما تكون أصداء نكبة عام 1948 هذه مجرد البداية، وإذا شجعت واشنطن “إسرائيل” على السير في هذا الطريق، فقد يؤدي ذلك إلى اندلاع حريق إقليمي أوسع بكثير. وقد ساعد هروب أو طرد ما لا يقل عن ربع مليون فلسطيني من حيفا ويافا وطبريا وبيسان وغيرها من الأراضي الفلسطينية قبل إعلان قيام “إسرائيل” في أيار 1948، في إشعال فتيل الحرب الأولى بين الدول العربية و”إسرائيل”. ثم ساعدت الحرب وما تلاها من طرد أو هروب لمزيد من الفلسطينيين في وقت لاحق من عام 1948، ليصل إجمالي عددهم إلى حوالي 750 ألف شخص، في التعجيل بعقود من الصراع الدوري.
لقد حان الوقت لكي تتوقف الولايات المتحدة عن ترديد الكلمات الفارغة حول حل الدولتين، بينما تقدم المال والأسلحة والدعم الدبلوماسي للإجراءات الإسرائيلية المنهجية المحسوبة التي جعلت هذا الحل غير قابل للتصور – كما كان الحال منذ نصف قرن تقريباً.
لقد حان الوقت للولايات المتحدة أن تتوقف عن الإذعان لاستخدام “إسرائيل” للعنف والمزيد من العنف كرد فعل على الفلسطينيين الذين عاشوا 56 عاماً تحت احتلال عسكري خانق.
لقد حان الوقت لقبول أن الجهود الأميركية لاحتكار عملية السلام التي أُطلق عليها اسم خاطئ بشكل مأساوي ساعدت “إسرائيل” على ترسيخ ما وصفته العديد من مجموعات حقوق الإنسان الدولية بأنه نظام الفصل العنصري الذي لم ينتج عنه سوى المزيد من الحرب والمعاناة.
المصدر – أرشيف تودي
