الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
خمسون خريفاً تمرّ على نوافذ الوقت تفتح قريحته ذكرى الحرب والورد وثورة شعراء سكنوا عينيّكِ يا شآمُ كوردٍ تشرينيّ. خمسون عاماً مرّت على حرب تشرين التحريريّة وأقلامنا أعواد بخور تحرسكِ بأبجديّة الريّحان، خمسون عاماً ووجهكِ النضر يا شآم يبلسم الجرح، ولا نزال نشهر سيفكِ الدمشقي وننزفُ لأجلكِ حِبر الفنون ونغنّي «سوريّة يا حبيبتي أعدتِ لي هويّتي» منذ فجر ذاك التاريخ لنكون، فمن نحن إن لم تكنِ؟.
«علمينا» كما طالبكِ نزار قباني: فقه العروبة يا شآم.. فأنتِ البيـان والتبيـنُ..علمينا الأفعالَ قد ذَبَحَتْنا أحرفُ الجرّ والكلام العجينُ، علمينا قراءة البرق والرعد.. فنصفُ اللغات وحلٌ وطينٌ».
ها أنت يا شآم اليوم تعلمين العالم دروساً في الصمود والتضحية، فها هم شهداء حمص بالأمس يسطّرون بدمائهم آيات المجد والخلود، يعيدون ذكرى التحرير كي لا ننسى، وبالأمس أطلق الأقصى طوفانه في فلسطين علّم العالم دروس البطولة بدماء القلب، تتلعثم الحروف أمام انتصاراتِ الفجر التي لا تزال تسأل الله وتشهده الحقّ.
يا شآم.. مهما هبّت الرياح الهوجاء في حراكٍ مسموم، ومهما بلغت قوافل شهدائكِ قولي لكل من لا يفقه التاريخ ها هو تشرين يتحدّى الموت من جديد، وفي فلسطين يقاوم، والأرض في تشرين تتساقط أوراقها والأقنعة، وفي سماء تشرين يكبر وجه القمر، وفي تشريننا السوريّ يتقمّص النصر وجه الشّمس كي لا يعلن الغروب عنّي»ثم ابتسمي.. ابتسمي» فأحسن الوقتِ للهوى تشرينُ.
العدد 1164 – 24-10-2023