الثورة- مازن جلال خيربك:
اعتبر مصرف سورية المركزي أن أزمة الطاقة أثّرت على الاقتصاد السوري وآلية استجابة السياسات لها، بالنظر إلى ما رافق صدمات الإمداد وخاصة بالنسبة للوقود الأحفوري من ارتفاع في الأسعار وصدمات سلبية غير متجانسة في الطلب الكلي سواء على السلع المرتبطة وغير المرتبطة بالطاقة بصورة مباشرة.
ذوي الدخل المحدود
ووفقاً للمركزي في دراسة له حول “صدمات الطاقة والآثار المترتبة على السياسة المالية” فإن أزمة الطاقة أثرت بشكل أكبر على أصحاب الدخل المحدود، لافتاً إلى تولّد ما سمّاه بـ”التشوهات السعرية” التي شملت حتى السلع المنتجة محلياً والتي أصبحت أسعارها أكثر هشاشة وحساسية تجاه أي صدمات، سواء في إمدادات الطاقة وتوزيعها والطلب عليها أو التغيرات في أسواق صرف العملات ما ساعد في رفع معدلات التضخم أكثر، حيث غدت آلية الدعم مكلفة جداً وذات فعالية أقل، بالنظر إلى تغير محددات الدعم ومعدلات الأسر المستحقة له والتي ترتفع أعدادها باستمرار مع استمرار الصدمات السوقية وانخفاض القدرة الشرائية للدخل المرافق لها، ما يجعل من الضروري إعادة النظر الدوري في منظومة الدعم لتكون أكثر تجانساً وفعالية.
العواقب التوزيعية والاقتصادية
المركزي في دراسته لفت إلى أن أزمة الطاقة الأخيرة أثارت قدراً كبيراً من النقاش حول العواقب التوزيعية والاقتصادية الكلية المترتبة عليها والاستجابة المناسبة لها على مستوى السياسات المالية والنقدية، الأمر الذي اعتبر أساساً ترتكز عليه مناقشات السياسة المالية لجهة ضرورة توجيه دعم الدخل على شكل إعانات أو خصومات ضريبية، إلى الأسر الأكثر ضعفاً، مشيراً إلى ورقة عمل أعدت لصالح بنك التسويات الدولية حللت الأثر الاقتصادي والاستجابة السياسية المثلى لصدمات إمداد الطاقة في نموذج أسعار مرن مع أسر غير متجانسة، ناهيك عما طورته الورقة من نموذج لدراسة هذه التأثيرات على مستوى السياسة المالية.
تأثير الإمدادات السلبية
الورقة التي أشار إليها المركزي قدمت الطاقة على أنها سلعة استهلاكية من جانب الطلب ومدخل للإنتاج من جانب العرض، وعلى اعتبار صدمة إمدادات الطاقة السلبية لها تأثير أكبر على قدرة الأسر ذات الدخل المنخفض والتي تعاني من قيود الائتمان على استهلاك السلع غير المتعلقة بالطاقة، حيث تتبعت الورقة آثار ذلك على الاقتصاد الكلي واستجابة السياسات له، وتماشياً مع الأدلة التجريبية سمحت للطلب الأسري على الطاقة بأن يكون غير متجانس، وعليه حققت في عدد من الأسئلة الآثار السلبية لصدمة إمدادات الطاقة والتشوهات –إن وجدت- والتي يعاني منها تخصيص السوق، والأدوات التي يمكن استخدامها لتصحيح التشوهات وكذلك دور الدين العام.
نموذج الرؤى الثلاث
ووفقاً لما بينته الورقة (بحسب ما أورد المركزي)، وضمن هذه البيئة يمكن أن تؤدي الصدمات السلبية في إمدادات الطاقة إلى نقص في الطلب الكلي، حيث يدفع الطلب القوي على الطاقة إلى قيام الأسر الفقيرة التي تعاني من قيود ائتمانية بخفض الطلب على السلع غير المتعلقة بالطاقة بشكل غير متناسب، وبعبارة أخرى بينت نتائج نموذج الورقة رؤى ثلاث رئيسية:
أولها: تعمل صدمات إمدادات الطاقة السلبية كصدمة طلب سلبية أو صدمة العرض الكنزية عند استيفاء ثلاثة شروط تشمل أن يكون عدم تجانس دخل الأسر متوسطاً وليس مرتفعاً جداً ولا منخفضاً جداً، وأن تكون نسبة الأسر الفقرة التي تعاني من قيود ائتمانية مرتفعة، إلى جانب وجوب أن تكون المنافسة بين الشركات قوية بما فيه الكفاية.
أما ثاني الرؤى فتتضمن أن الكفاءة والتخصيص تتطلب دعم الشركات والأسر الفقيرة مع فرض الضرائب على الأسر الغنية وخاصة عندما يعاني الاقتصاد من صدمة طاقة سلبية، وثالث الرؤى قالت بأن إصدار الدين العام يشكل جزءاً من الاستجابة المثلى للسياسة المالية عندما يواجه الاقتصاد صدمة كبيرة أو عندما تكون كثافة الطاقة الإجمالية في الاقتصاد منخفضة.