“على الهواء مباشرة “

تدور عدسات كاميرات وسائل الإعلام في أجواء تغدو معتمة بسبب ما يلفها من الغبار، والدخان المتصاعد من الأرض إلى أقصى مدى له في السماء، لترصد المشهد، وكما هو عارٍ من أي تعديل، أو تزييف، بل على حقيقته تماماً، وصورته التي تشكلت على أرض الواقع.. ونحن على الجانب الآخر من الحدث مَنْ نتابع أخبار (غزة) الجريحة ننفجر بشهقة الانفعال لهول ما نشاهده على شاشات التلفزة، ولا أحد يستطيع أن يمنع دمعة حرّى من أن تسقط أسفاً على ما يجري من تدمير، وسفك للدماء.. وإذا ما فاض الدمع في الأحداق تمتد الأيدي لتغيير القناة التي تعرض تلك المشاهد المفجعة إلا أنها ترتد عن ذلك لأننا سنعتبرها خيانة سافرة.

ليت أن العالم يفقأ عينيه ليجد لنفسه مبرراً في صمته، أو مواقفه بحجة أنه لم يعد يملك عيوناً ليرى بها ما يجري على أرض فلسطين الجريحة بما يتنافى والضمير الإنساني، وأدنى حقوقٍ للإنسان في عالم أصبحنا نصفه بالتقدم، والتطور الحضاري بعد أن وصل إلى اختراع التقنيات الفائقة التي تسعف في كل مجالات الحياة، إلا أنه نسي أن يطور من ضميره الإنساني بما يتناسب وواقعه الحضاري الذي وصل إليه.

وإذا كان من منصات المواقع الإلكترونية مَنْ تعمل جاهدة على تزييف الحقائق فإننا رأينا بعيون مفتوحة كيف تُباد المدن بسكانها، وتُسحق كامل ملامحها تحت وابل من النيران التي لا ترحم بشراً، ولا تستثني حجراً.

لقد أصبح البث المباشر للحروب ظاهرة شائعة في العصر الحديث في مزج بين الصحافة والإعلام والتطور التكنولوجي هذا الذي يمكّن الصحفيين، والمراسلين من النقل المباشر للأحداث العالمية بسرعة، وفاعلية، ويوفر القدرة لجمهور المشاهدين للوصول المباشر إلى الأخبار، والأحداث، والمعلومات من مصادر موثوقة. أجل.. لقد أصبح البث المباشر أداة إعلامية قوية يمكن استخدامها لزيادة الوعي الدولي إذ يتم من خلالها توثيق الأحداث العسكرية، ونقلها مباشرة عبر وسائل الإعلام، والشبكات الاجتماعية، وهذا بدوره يُعد وسيلة فعّالة في نقل المعلومات على الفور دون تدخل، أو تعديل من وسائل الإعلام التقليدية، ما يؤثر بشكل كبير على كيفية إدراك المجتمع للحروب، وفهم مساراتها بما لا يدع مجالاً لتزييف الحقائق، وكأننا نزور منطقة الحدث بأنفسنا نظراً لمصداقية ما نراه مباشرة في بثٍ حي بعد أن أصبحنا شهود عيان ولو عن بعد.

ولعل من أبرز ما يحققه البث المباشر هو دحض الأكاذيب التي تزيّف الحقائق، كما تحدي السيطرة الإعلامية، إذ قديماً كانت الأنباء والتقارير الحربية تتم تصفيتها وفقاً للمصالح السياسية، والعسكرية، أما مع وجود البث المباشر فقد أصبح بإمكان الأفراد حتى تجاوز هذه السيطرة، وتوثيق الأحداث بشكل مستقل، كذلك تمكن الصحفييون المستقلون، والمواطنون تصوير الوقائع من وجهات نظرهم الخاصة، ومن ثم نقلها لجمهور المتابعين، وهذا ساهم بدوره في تعزيز الوعي العالمي، وتعدد الآراء، والمصادر، وتوفر رؤى مختلفة حول الأحداث.

ومع ذلك.. لابد من أن يتم استخدام هذا النوع من البث باحترافية، وحذر كبيرين، وبمسؤولية الالتزام بالأخلاقيات الصحفية لضمان نقل المعلومة بدقة، والحفاظ على سلامتها، ومصداقيتها. أما المراسلون، والمصورون فقد يتعرضون للخطر أثناء توثيق الأحداث، كما يمكن أن يتم استغلال البث المباشر بواسطة الأطراف المتحاربة لتعزيز مواقف سياسية، أو لنشر أكاذيب مضللة.

ويظل البث الحي على الهواء مباشرة وسيلة قوية لدحض ما يقترفه العدو من تزوير للحقائق المرعبة حول جرائمه التي يرتكبها بحق الفلسطينيين من هدم لمدن بكاملها، وإسقاطٍ لحمم حقده فوق رؤوس الأبرياء، ومنهم أعداد مفجعة من الأطفال.

ومن هول ما نراه عبر الشاشات، وما نسمعه من أصواتٍ للقصف العنيف على (غزة)، وما نشهده ببث حي من استهداف مباشر للمدنيين، ومعهم للصحفيين، والمراسلين وهم ينقلون صورة الذي يجري من حولهم ما يجعلنا أكثر وعياً بما نرى، وسعياً لتأكيد الحق، واستخلاصاً للعِبر، ودحضاً للأكاذيب التي تحاول أن تغتال الصورة، وانتصاراً للحقائق التي تأخذ مسارها على الأرض المحروقة بالحقد الأسود الذي يغتال هو الآخر الأحلام، أحلام الصغار، والكبار.

بث حي للضمائر التي ما تزال حية يجعلنا أكثر وثوقاً، وإيماناً بحقوقنا، وكيف نتمسك بها كهؤلاء الذين يتمسكون بخيط الحياة وهم يحفرون بأيديهم ويبعدون أكوام ركام القصف للوصول إلى أهاليهم الذين حوصروا تحته.

* * *

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة