الثورة – تحليل ريم صالح:
لا مكان آمناً في غزة.. لا ملجأ يحمي أطفالها وعجزتها ونسوتها من صواريخ العدو الإسرائيلي، وقنابله الفوسفورية، حتى ثلاجات الموتى لم يعد باستطاعتها أن تحتضن من ارتقى منهم شهيداً.
في غزة لا نرى سوى الدمار والخراب، والرماد، وألسنة اللهب، وحمم النيران المشتعلة، والأبنية التي تتهاوى بفعل غارات العدو المتوحشة.
في غزة شعب أبي صاحب حق وقضية وأرض، يُباد، ويرتكب بحقه المحتل الإسرائيلي أبشع صنوف الإرهاب المنظم، ومجازر لم ولن يرى مثلها التاريخ، وكل ذلك على مرآى ومسمع من العالم الغربي بأسره، هذا العالم مدعي الحضارة والإنسانية الذي يكتفي ببث ما يجري في قطاع غزة على شاشاته الإعلامية هنا وهناك، ليواكب الحدث لا أكثر ولا أقل، بل وليقدم صورة مشوهة عما يجري في فلسطين المحتلة، ويسوق الرواية الإسرائيلية المضللة والكاذبة، بأن الفلسطينيين إرهابيون قتلة، وقاطعو رؤوس أطفال، وأن الإسرائيليين في خطر، وأنهم بالتالي في كل جرائمهم التي ارتكبوها ولا زالوا منذ السابع من تشرين الأول ضد أهالي غزة إنما يدافعون عن أنفسهم، وعن وجودهم غير الشرعي أصلاً.
“سكان غزة مهددون بالقصف والتجويع”.. هو أحدث تحذير أممي ولكنه لطالما كان خجولاً، حتى وإن لامس كبد الحقيقة، إلا أن أهالي غزة ليسوا بحاجة لهذا التحذير، لاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن ما يحتاجونه حقاً، هو أن تتحمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولياتهما، وتجرِّم الاحتلال، وتتخذ الإجراءات القانونية التي نصت عليها دساتيرها، وتعمل على توفير الأمان والسلام للفلسطينيين، وبالتالي تطرد كيان الاحتلال الغاصب من فلسطين، والمنطقة.
العدو الإسرائيلي أعلن أنه استخدم ١٠٠ طائرة في ليلة واحدة في غاراته على غزة، وهذه الطائرات قصفت أهدافاً تحت الأرض، أي أنها دمرت البنية التحتية للقطاع، وعادت به عشرات السنين إلى الوراء، ليس هذا فحسب بل إن المستوطنين، وبالدمى والمنشورات هددوا فلسطينيين في الضفة بالطرد بالقوة إلى الأردن، بينما أطلق آخرون الرصاص بشكل عشوائي صوب الفلسطينيين لتهجيرهم من أراضيهم عنوة، فمن لم يرتق شهيداً بصواريخ الاحتلال، سيرتقي بهجمات قطعان المستوطنين، وبنيران أسلحتهم الثقيلة.
في غزة يُكشف النفاق العالمي.. وتتبرأ الإنسانية من وجوه لطالما ادعت أنها حامية الكرامة والعدالة والحقوق والحريات.
في غزة تُوضع النقاط على الحروف.. فالمقاومة الفلسطينية ماضية في مقارعتها للعدو الغاصب، ولغة الحصار والدمار، والتجويع، والتعطيش، تكشف رداءة مساحيق التجميل الهوليودية.