رنا بدري سلوم
على رقابهم قلادة، ليست ككل القلائد، كتبت أسماؤهم عليها، إن غافلهم العدو الغاشم بصواريخه القاتلة وأتتهم المنيّة، يقرؤون الأسماء، فلا تضيع عند الله الودائع.. صامدون بهذا العزم والإصرار، يفضّلون الموت على أن يتركوا غزّة الأبيّة وحيدة مدمّرة، يرفضون الرحيل للبحث عن مكان آمن.
تقول الفلسطينية أم محمد لن نعيد الخطأ الذي ارتكبناه عام ١٩٤٨ تركنا بيوتنا وهجّرنا، الآن اخترنا أن نبقى في أرضنا ولو فوق الركام والحطام لن نساوم ونقاوم، صامدون، بلا مأوى ولا طعام، يكفينا أننا نقاوم لأجل أن نبقى أسياداً أحرار أرضنا.. أسمعتم بالطفلة تالا التي عادت إلى أهلها حيّة ترزق، بعد قضاء أربعة أيام بلياليها تحت الأنقاض دون ضوء وطعام وشراب، خرجت للعلن لتقول: “في رئتي هواء يكفيني أياماً أخرى، كنت على يقين أنني سأخرج إلى النور والحياة إني صورة مصغّرة عن فلسطين التي ستخرج من تحت الرماد والدمار لتعلن انتصارات الحياة”.
في المقابل هناك رجال ما برحوا أمكنتهم، يبادرون بما استطاعوا، يطالب يحيى وهو في جنين: علمونا كيف نستخدم السلاح والبندقية، نحن شعب واحد لا فرق بين غزّة وجنين علمونا كيف نطلق الرصاص لندافع عن قضيتنا معاً، الشعارات وحدها لا تكفي والتعاطف على مرأى العالم لا يكفي، التباكي أمام شاشات التلفزة لا ينفع، بعدما اغتال العدو الإسرائيلي الطفولة بآلياته الهمجية واستهدف الآمنين على كل شبرٍ من هذه الأرض، لن تهنأ عيوننا ولن ترتاح ضمائرنا حتى يعود السلام والأمان إلى ديارنا، سنقاوم حتى ننتصر، موجهاً رسالته إلى كل العرب الذين يرقبون سيلان الدم، لا عظة ولا يد تمتد للمساعدة والمساندة، وما نفع الصمت أمام عدو استهدف الطفل في الحدائق والمنازل والشيوخ في المساجد والأطباء في المشافي والنساء وهنّ يعبئن عبوات المياه لأطفالهن، عدو قطع الكهرباء والإنترنت ليفصل غزّة عن العالم ويجعلها مدينة أشباح وظلام وموتى.. المئات من هؤلاء الشهداء في ذمة صمت المجتمع الدولي والعربي، وعدونا يخرج على مواقع التواصل الاجتماعي يتباهى ويفخر بالمجازر التي يرتكبها بحق الإنسانية جمعاء، لكننا سنبقى على يقين رغم قواهم العتيدة، أننا الغالبون والباقون وهم المندحرون لا مناص.