الثورة – ديب علي حسن:
بداية يجب أن نسارع إلى القول: إنه عنوان لكتاب، فلا تسارع إلى الحكم وإطلاق الخيال، والعنوان الكامل للكتاب الذي صدر عن دار الفكر بدمشق عام ٢٠٠٣م هو: من أجل صهيون التراث اليهودي – المسيحي في الثقافة الأمريكية. تأليف: الأستاذ الدكتور فؤاد شعبان.
الكتاب المهم جداً يتناول كيف استطاعت الأفكار الحاقدة من التلمود والأساطير اليهودية أن تتغلغل إلى الكثير من المعتقدات في الولايات المتحدة الأميركية ونشأت هناك ما يسمى (الصهيونية – المسيحية) التي تؤمن بالتوراة المزورة وما تروجه أضاليل الفكر اليهودي.
وهنا علينا أن نسارع إلى القول إن أكثر من كتاب كان قد صدر في الولايات المتحدة حول ذلك وقد ترجمت إلى العربية منها ما كتبته: غريس هالسل، “يد الله” أو لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل، وقد ترجمه إلى العربية محمد السماك.
ومن الكتب المهمة جداً في هذا المجال وربما سبق الكتب السابقة كافة كتاب “نسف الأضاليل” مقدمة لإزالة إسرائيل تأليف الأب أنيس فاخوري، وهو يناقش تغلغل الفكر الديني اليهودي في الكثير من المعتقدات في الولايات المتحدة.
وبالعودة إلى كتاب من أجل صهيون يمكن القول إنه عمل بحثي مهم يتقاطع مع الكتب السابقة كافة، ويكشف لماذا يتورط الساسة الأميركيون في دعم الكيان الصهيوني، وهنا نشير إلى أننا يمكن أن نفسر تصريح بايدن لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها، وكذلك ما كان يقوله من يسمونهم الآراء المؤسسون أنهم شعب الله المختار وأنهم بنو إسرائيل الجدد، وطبعاً ليس كل من في الولايات المتحدة يعمل وفق هذه الأضاليل وهناك من يعارضها ويعرف أنها روح عدوانية.
في قراءات كتاب من أجل صهيون نجد أن (ثمة عوامل كثيرة ساهمت في تكوين الشخصية الثقافية الأمريكية وتؤثر أيضاً في سلوك الأمة الأمريكية وتفكيرها أحدها هو التراث اليهودي- المسيحي الذي دخل في صلب تكوين الثقافة الغربية بصورة عامة والأمريكية بصورة خاصة، فمنذ تأسيس المستوطنات الأولى كان المستوطنون الطهوريون يشبهون أنفسهم بالقبائل الإسرائيلية في رحلتها الكتابية من مصر إلى أرض كنعان، ونركز في هذه الدراسة على ثلاثة عناصر أساسية في الثقافة الأمريكية رفدت الفكر اليهودي- المسيحي هي:
1- الصورة الذاتية الاصطفائية التي يرى فيها الأمريكيون كرجال دين وسياسة وأدب أن أمريكا خلقها الله تعالى لمهمة مقدسة من أجل البشرية، 2- الاعتقاد الجازم بخطة شاملة وضعها الله تعالى للدهر تنتهي بنزول مملكة الله على الأرض، 3- أن العنصرين السابقين مرتبطان بالجغرافية المقدسة (أرض الميعاد)، وهذا يضع فلسطين والعالم العربي في بؤرة الفكر الكتابي الأمريكي فكانت النتيجة من ارتباط هذه العناصر ظهور العداء تجاه الإسلام والمسلمين وجعله صفة ملازمة للفكر اليهودي- المسيحي لأنهم يحتلون الأراضي المقدسة لذا يجب استعادتها وإنهاء الإسلام و(هداية) المسلمين.
وقد اكتسبت هذه العناصر في التراث اليهودي- المسيحي في العقود القليلة المنصرمة قوة وتأثيراً كبيرين في أوساط اليمين المسيحي المتطرف واليمين السياسي، ما كان له أكبر الأثر في سياسة أمريكا الخارجية تجاه العالم العربي.
وهنا نشير لأمرين مهمين: 1- هناك أعداد كبيرة من المسيحيين الأمريكيين لا يشاركون اليمين المسيحي المتطرف معتقداته المتطرفة، 2- إن التطرف موجود في معظم الأديان والمذاهب وإن تسخير الدين والمشاعر العقائدية لدى الأمريكيين لإضفاء نوع من الشرعية على أكثر الأعمال وحشية وتعصباً تجاه الإسلام وفق الثيوقراطية التي يؤمنون بها، وتوجد في أمريكا عشرات المراكز والهيئات والمؤسسات الأكاديمية والسياسية التي تهتم بالدراسات المتعلقة بالعالم العربي والإسلامي في حين لا يوجد في العالم العربي أي مؤسسة أكاديمية تتخصص بإجراء دراسات عن الثقافة الأمريكية وتاريخها).
إنه هوس القيامة التي يظنون أنها ستكون بعد قيام معركة هرمجدون وأن مملكة المسيح السماوية ستكون بعد دعم أميركا للكيان الصهيوني، تقاطع هذا كله مع الخبث الاستعماري والمصالح التي أوجدت هذا الكيان المصطنع.. والمسيحية الديانة السماوية براء من كل هذا الجنون الذي يمارسه المتصهينون ليس في أمريكا بل في العالم كله.
وثمة من ذهب للحديث عن صهيونية عربية هي التي كانت وراء تدمير الكثير من مقدرات الشعوب وما يسمى (الربيع العربي) صهيونية عربية بلبوس إسلاموي.. مازال البعض يمارسها ويريد لها أن تسود المنطقة والعالم.