رشا سلوم:
منذ أن صدر العدد الأول من مجلة التراث العربي التي يصدرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق وهي مجلة محكمة ورصينة تعنى بالدراسات الأدبية.. منذ عددها الأول شكلت معلماً مهماً بين الدوريات العربية التي مازالت تتابع نهجها البحثي.
العدد الجديد من مجلة التراث العربي والذي حمل الرقم ١٦٨ جاء حافلاً بالعديد من الدراسات المهمة التي تناقش الكثير من القضايا.
جدلية التراث والحداثة
في افتتاحية العدد التي جاءت تحت عنوان: الحداثة والتجديد في التراث العربي وقد كتبها الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، إذ رأى شائكة هي العلاقة بين التراث والحداثة في واقعنا العربي، والأعقد منها محاولات بعضهم ربط الحداثة بالأدب الجاهلي في تراثنا، وإذا كان بعض المفكرين والباحثين العرب قد أجادوا في نقد بنية العقل العربي وتشريحه، كما هو حال المفكر المغاربي محمد عابد الجابري في ثلاثيته الشهيرة (نقد العقل العربي) إلا أن معظمهم أخفق في ربط التراث بالحداثة وفي إسقاط نظرياتها على تراثنا وموروثنا الثقافي والمعرفي، وهو ما ظهر جلياً في كتابات محمد عابد الجابري ولاسيما (التراث والحداثة) وكذلك هو حال الشاعر والمفكر السوري أدونيس في (الثابت والمتحول)، أو ما كتبه صاحب (رحيق الشعرية الحداثية) بشير تاوريريت.
وإذا كنا نعارض النظر إلى التراث بوصفه نصوصاً جامدة تحفظ في أمهات الكتب القديمة، فإننا لا نوافق أيضاً على وصفه بمتحف الأفكار التي ينظر بفخر وإعجاب إلى كل ما فيها، بل إننا ننظر إلى ما فيه على أنه منجز إنساني يتحرك بتحرك الإنسان ويمثل شخصية الأمة ووجودها التاريخي ماضياً وحاضراً، إضافة إلى كونه تربة خصبة للإبداع والإنتاج والتجديد رافضين في الوقت عينه الدعوة إلى الانغماس في الحضارة الغربية والنظر إلى ثقافتها على أنها المصدر الوحيد للتطور والتقدم وأن تراثنا يعني التخلف والتأخر.
ومن مواد العدد نذكر: من تجارب التحديد في الشعر الجاهلي /التخطي والتجاوز في شعر الصعاليك/ الإبداع الشعري بين الإلهام والاستلهام- تشكيل الأسلوب في البلاغة العربية- تهاجي شياطين الشعر. وغيرها من الدراسات المهمة.