الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
لم تغادرنا يوماً، بقيت معنا، وربما مايحدث في مدينة غزة يسجل تاريخاً مغايراً سيبقى طويلاً في ذاكرة، لم تبرحها فلسطين يوماً.
لم تكن تحتاج غزة إلى كل هذه التأشيرات المغروزة بالدم لنفتح لها التاريخ مجدداً.
في كل الأمكنة والفعاليات غزة حاضرة، في أحاديثتا في أروقة معرض الكتاب في الشارقة بدورته(٤٢)، في الفعاليات بمختلف أنواعها، في الندوات….
حين بكت الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي التي اعتمرت عباءة سوداء كتب عليها قصيدة محمود درويش أحن إلى خبز أمي، بدت تلك العباءة تعكس ظلال حزننا على غزة المنكوبة، غزة التي لامعنى لأي شيء طالما لم يبارحها نزيف الدم.
الاحتفالية جاءت من أجل توقيع إصدارها الأخير أصبحت أنت، ولكن منذ البداية رافقتنا أحداث غزة حيث
اعتبرت مستغانمي أن الاحتفاء بالكتابة في هذه الظروف التي تعيشها غزة لامعنى له، وهي تجهش بالبكاء أكدت أنها فقدت بهجة الكتابة، مذ وجدت الذين يكتبون على أذرعهم وأرجلهم ليتعرف عليهم الموت.
وتساءلت عن قيمة العمل الذي يكتب اليوم في هذه الظروف، في زمن الكتابة على الأجساد بحبر دم الأبناء.
مدينة غزة التي بنيت قبل (٤٠٠٠) عام، وعدها المؤرخون إحدى أقدم الحواضر المسكونة، ستسكننا أبد الدهر بصمودها الأسطوري، وستبقى ملهمة الكتاب والشعراء، ولا أدري إن كنا سنرتقي يوماً إلى صمودها المبهر.
مدينة غزة وسكانها الذين شهدوا كل هذه المكابدات والنكبات، والتي كتب عليها أن تدفع غالياً ثمن موقعها وبطولات أبنائها حين استفقنا على بطولاتهم الخالدة، ونتذكر هنا قول سميح القاسم حين وصف فيما مضى صمود غزة،كأنه يستلهم
المستقبل:
ما أنت،من، أمدينة أم مذبحة؟
يتفقد الأغراب من حين لحين
تفاح جرحك
هل سيثمر للغزاة الفاتحين؟
يتفقد الأغراب جرحك
قد تموت
في الفجر غزة، قد تموت
وتعود في الفجر الحزين
صيحات حبك والحباة
أقوى وأعلى، ياصباح الخير
أخت المعجزات
العدد 1167 – 14-11-2023