الثورة – رشا غانم:
لم يعد أمراً غريباً في مجتمعنا أن نرى الكثير من النساء وهن يرتدن عيادات التجميل لتغيير أشكال أنوفهن أو شفاههن، وأصبحت تمشي في طريقك فتشاهد مناظر تظنها في أحد دور العرض والسينما.. وترى بعضهن كالدمى بل لهن عيون تسمى بالعيون القططية والشفاه الممتلئة والأنوف الصغيرة.
ولم يعد غريباً أن نرى امرأة في عمر الستينيات وهي تلاحق دور التجميل لتخفي تجاعيد جميلة على وجهها كانت في يوم من الأيام ذكرى لها لخوف على ولدها ولسهر على راحته ولقلق على صحة أحدهم، لا بل تعدى هذا الأمر إلى الرجل أيضاً، فأصبحت تراهم يتزاحمون صفاً إلى صف في دور ما يسمى بأطباء التجميل.
وليس من الغريب أبداً أن تلتقي بشخص بعد مدة فلا تعرفه ويصعب عليك تمييزه أو تمييزها من شدة تغيير ملامحه الأصلية.
زرعوا في أذهان نسائنا أن الأنثى التي لا تتدلى شفاهها ولا تبرز وجنتاها ولا تحقن وجهها بالمواد المالئة والخافية للتجاعيد أنها متخلفة ولا تواكب الحضارة، لقد زرعوا في ذهنها بأنها رمز للمظهر الخارجي ولجذب أنظار الآخرين بعد ما كانت رمزاً لبناء جيل متعلم قائم على القيم والمبادئ.
وهذا النوع لم يعد يهتم بتعليم أطفاله أو تخصص وقت لهم لزراعة أفكار وقيم يحتاجونها ليقوموا بدورهم في المجتمع، وفي حال وجدت أولادهن يحصلون على مرتبة تعليمية، فهن يفعلن ذلك من باب البريستيج الاجتماعي أيضاً لا أكثر.
صار من الغريب أن ترى أنثى ترفض أن تحقن وجهها لتخفي تجعيدة من هنا أو تملأ وجهها لينفجر كالبالون من جهة أخرى.. أن ترى أنثى أحبت أن تحتفظ بملامحها التي أعطاها إياها الخالق المبدع، أن تنفرد بنفسها، وتكون هي نفسها لا شبيهة بغيرها.
بعدما كانت النساء تتنافس من منهن تجعل من أطفالها قدوة أكثر وتجعل منهم قيمة أخلاقية أعلى ومرتبة علمية متميزة، أصبحن يتنافسن من منهن تذهب إلى “طبيب التجميل الأعلى أجراً وإلى مراكز التقبيح الأشهر صيتاً والأكثر مدعاة للتفاخر الاجتماعي.
لقد خدعوا الأنثى عندما أقنعوها أنها مجرد مظهر وأن ملامحها البارزة هي رمز الجمال، دون أن يدركوا أن المرأة بما تزرعه من خير وأفكار قيمة وعميقة وتوعوية لتمارس دورها في تربية أطفالها وأن تكون سنداً عظيماً لزوجها وأسرتها.