الثورة – رنا بدري سلوم:
بأيديهم الصغيرة حملوا منتجات يرغبها الصغار والكبار حول العالم، وقالوا ووجوههم مكفهرّة “قاطع.. لا تدفع ثمن الرصاصة” بدعوة منهم أن يقاطعوها، منتجات دعمت الحرب الشرسة على فلسطين، أموال ليست بريئة من دم الشرفاء في غزّة وخاصة الشهداء الأطفال الذين بلغوا الآلاف منذ بداية فيضان الدم، قُتلوا بدمٍ بارد مستهدفين من قبل كيان صهيوني لا يرحم، يتقصّد وأد الحرية، وإطفاء غضب الأرض وثورة الإنسان في عيون أطفالها، ولكن لن يرى الاستسلام في عيون المقاومين لهمجيّة المحتّل بل على العكس.
نجدهم كالكبار يتسلّحون بالإيمان ويظهرون على صفحات التواصل الاجتماعي بقلوب مؤمنة يؤكّدون دعمهم ووقفتهم وحبّهم لبلدهم، بالقول بلهجة طفوليّة: “هذه أرضنا وأنت المحتّل لها فاخرج منها واتركنا نعيش على أرضنا التي نحب، دعنا نكبر بسلام”.
هؤلاء الأطفال تجدهم يعيشون في أسوأ الظروف، وحتى تحت سقف الدرج هرباً من صواريخ العدو الفاشي، يفرحون بصحنٍ من الفول حُضّر عن عجز بالقليل القليل من الفول المعلّب الذي عاشوا عليه لسنواتٍ طوال، وقطراتٍ من الزيّت بعبوة زجاجية أخذوها وهم على عجل بحثاً عن ملجأ آمن، وأطفال آخرون يأكلون البطاطا من دون خبز، يحمدون الله بأنهم يأكلون وهم اليوم يعانون الحصار والعطش والجوع، وكما قالوا نحن شعبٌ لا يجوع، نقاوم حتى آخر لحظة وآخر رمق سنبقى ما حيينا نقدّس هذه الأرض ونقبّل ثراها، في حين يموت الأطفال حديثي الولادة لنقص الأوكسجين ونفاذ المستلزمات الطبية بسبب الحصار الذي يفرضه عدو غاشم على المستشفيات التي تلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل الأوضاع المتردّية في قطاع غزّة نتيجة العدوان الهمجي على القطاع لتدميره وتهجير ساكنيه.
كل تلك القضايا الواضحة تدعونا لأن نقاطع منتجاتٍ ساهمت بطريقة أو بأخرى هذا العدو في سفك الدماء، ولكي لا نشارك في ثمن رصاصة توجه إلى صدور الأطفال التي تبقى أمنياتهم رهينة ابتسامتهم بالرغم من دمع الفقد والشوق والحرمان، بأن تتحرر الأرض من براثن الاحتلال ويعود كل مهجر ولاجئ إلى وطنه آمناً ويعيشون ككل الأطفال حول العالم بهدوء وسكينة وسلام.