المحامي أحمد قلعجي لـ “الثورة”: مرسوم العفو يفتح مجالاً للتسامح ويغلب مفهوم الإصلاح ويرسخ معنى العقد الاجتماعي
الثورة – عزة شتيوي:
أكد المحامي الأستاذ أحمد قلعجي أن مرسوم العفو الذي صدر مؤخراً يعكس أن الدولة السورية تمارس دوراً أبوياً بأن تعطي فرصة ثانية لبعض الذين اقترفوا أفعالاً محددة بشرط ألا يؤثر ذلك على المال العام أو حقوق الأفراد.
وقال الأستاذ قلعجي في حديثة لصحيفة الثورة أنه دائماً في عندما نتحدث عن الدولة فيجب أن نلحظ الدور الذي تضطلع به في تنظيم المجتمع والعلاقة بين أفراده من جهة وبين الأفراد ومؤسسات وأجهزة الدولة بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبالقدر الذي تدرك مؤسسات الدولة الغاية والهدف من أي إجراء أو قرار فهي تنتقل بذلك من المفهوم المجرد للدولة إلى المعنى العميق للعقد الاجتماعي الناظم للعلاقات المختلفة.
وأضاف قلعجي: من هنا عندما تحافظ أجهزة الدولة على تطبيق القانون انطلاقاً من دورها السيادي فإنها توازن بين عاملي الردع الذي تمثله العقوبة على من يتخطى القوانين العامة التي تهدف إلى حماية الأمن العام والمواطن في ماله وعرضه ونفسه، وبين المعنى الحقيقي والهدف الاجتماعي والأخلاقي لها ألا وهو إصلاح ذات الفرد لأنه ووفق النظم الحديثة فإن العقوبة يجب ألا تحمل معنى الانتقام بقدر ما تحمل معنى الردع والإصلاح، من هنا فإن للدولة التي تمارس دوراً أبوياً تعطي فرصة ثانية لبعض الذين اقترفوا أفعالاً محددة بشرط ألا يؤثر ذلك على المال العام أو حقوق الأفراد الذين تضرروا جراء تلك الأفعال.
وباعتبار أن الحق العام يمثل حق المجتمع في الردع فإن لهذا المجتمع بانعكاسه في مفهوم الدولة أن يمنح العفو عن العقوبة المقررة لبعض الجرائم أو أن يخفف من مقدار العقوبة، أو أن يغير في ماهية تنفيذها دون المساس بالحق الشخصي الذي يعني حق المتضرر في استيفاء حقه ومن هنا يمكن القول إن قوانين العفو تتجاوز مفهوم المكرمة لتصب في قالب مراعاة حاجات المجتمع ومصلحة أفراده ورأب التصدعات وهي نظرة منطقية تغلب مفهوم الإصلاح على الانتقام مع تحقق عامل الردع.
وتابع قلعجي: من جهة أخرى فإننا جميعاً نعي الظروف التي مرت بها سورية من إفرازات الحرب عليها سواء لجهة التغرير ببعض الفئات أو دفعها للبعض باتخاذ مسار بعيد عن الصواب فكان من قائد الدولة أن يفتح المجال واسعاً للعودة بالصفح والتسامح، فالهدف هو الحفاظ على المجتمع وليس الاقتصاص إلا ممن انغمسوا إلى آخر حد في العداء لوطنهم ومجتمعهم، وعليه فلا أسمى من الصفح، وأن نعيد شخصاً لحياته ومجتمعه فإننا بهذا نكسب فرداً في مجتمعه بدل خسرانه.
وحول مواد وتفاصيل مرسوم العفو قال المحامي قلعجي أنه يمكن استنتاج الشمول والتخصيص في آن معاً، فمن جهة شمل العفو العام الكثير من الجرائم والعقوبات المنصوص عنها في قانون العقوبات والقوانين الخاصة الأخرى التي تناولت الجنايات والجنح والمخالفات مع الحفاظ على حق الدولة، واستثنى بعضاً من الجرائم لما تمثله من خطورة على المجتمع، وفي طياته فرصة كبيرة لأولئك الذين يطمحون للعودة إلى الوطن وتحول بعض المطالبات القضائية دون ذلك كالفارين والمتخلفين عن خدمة العلم أو الملاحقين ببعض الجرائم المنصوص عنها في قانون مكافحة الإرهاب.
وختم قلعجي كل ذلك يرسم معالم إنسانية في آلية تعاطي الدولة بمفهومها السياسي والاجتماعي مع أفراد المجتمع ما يعزز الاستقرار والأمان النفسي ويسهم في تعزيز اللحمة الوطنية.