رنا بدري سلوم
كيف لهذا المحتّل النازي أن يعرّي هذه الأجساد ويحرق الروح ويصم آذانه عن صرخات الألم والتعذيب، كيف لهذا الغاصب أن يفخر بكلّ وحشيّته التي جرّدته من الإنسانية، يفخر وهو يلتقط صوراً تذكاريّة مع أجساد الأسرى المعذّبة حدّ التوحّش، أجساد مرميّة على الأرض التي لا حول ولا قوة لها إلا الصبر وتحمّل الكدمات والاحتراق وآثار هذا الأسر المشرّف.
تلك الصورة لا تكفي في فضح إجرامهم الهمجي، وقد قارب عدد الأطفال المعتقلين في سجونهم نحو الثمانمائة وأكثر خلال عام واحد، لم يظهر للعلن كيف يعاملون، أطفال أسرى على مرأى منظمات حقوق الطفل وصمته المخزي، وخاصة أن يوم الطفل العالمي يصادف العشرين من تشرين الثاني من كل عام، وفي هذه المناسبة ارتكب الاحتلال الإسرائيلي الغاشم إبادة جماعية بحق الآلاف، ويواصل عمليات الاعتقال الممنهجة بحق الأطفال الفلسطينيين في الضفة، والتي كانت ولا تزال إحدى أبرز السياسات لاستهداف الأطفال والأجيال الفلسطينية.
وقد بلغ عدد المعتقلين الأطفال في سجون الاحتلال حتى نهاية شهر تشرين الأول الماضي، أكثر من 200 طفل يقبعون في سجون “عوفر، ومجدو، والدامون”، يعانون من الجوع والحد الأدنى من مقومات الإنسانية من غذاء ودواء ويمارس الكيان بحقهم شتى أنواع التنكيل والتعذيب دون أدنى اعتبار لطفولتهم.في وقت أثارت الأسيرة الاسرائيلية المسنّة جدلاً واسعاً فقد غيرت الرأي العام حين أطلق المقاومون سراحها بعد أيام على اعتقالها، وظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى شاشات التلفزة العالميّة تروي أيام أسرها وكيف عوملت باحترام وإنسانيّة قصوى من قبل المقاومين، وكما قالت إنهم يتمتعون بأخلاقيات الإسلام كما بينوا لها، أثار فيديو الأسيرة المسنّة غضب وسائل إعلام العدو وتمنّت لو أنها لم تتحدث للإعلام قبل أخذ الموافقة من إعلام الكيان، وهذا وإن دل على شيء، هو تحريف الحقائق فشتان ما بين أخلاقنا وأخلاقياتهم، فبعد تلك الصور التي تبكي القلب والعين للأسرى الفلسطينيين الذين يفترشون الأرض عراة، سيدرك العالم أن هناك فارقاً كبيراً بيننا وبين العدو الفاشي، وإن التعتيم الإعلامي الذي ينتهجه في حربه على غزّة وإبادة شعب وتهجيره واعتقاله هو مشروع الفناء.
هنيئاً لهذه الأرض كم ارتوت في طوفان الدم، ستبقى الدماء شاهدة على انتصارات القضيّة الفلسطينية التي كلما زاد توحّش العدو في فنائها زادت حناجرنا وحناجر أطفالها الأحرار في غنائها ” فلسطين عربيّة حرّة”.
