الثورة- حسين صقر:
بعد أن كان هدفها نشر المعارف والأفكار وتبادل الثقافات المتنوعة، والبحث عن أشخاص لم نلتقيهم منذ زمن وانقطعت أخبارهم لمعرفة حالهم وأحوالهم، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وغيرها من التطبيقات الأخرى لوسائل للتشهير والفضائح، ونشر الغث والسمين على صفحاتها، حتى ضاعت على تلك الصفحات أسماء المشاهير من أطباء وأدباء وكتاب وشعراء وإعلاميين ومهندسين وتربويين ومحامين وغيرهم من المهن والحرف الأخرى.
«الثورة» التقت بعض المهتمين والمتابعين لصفحات التواصل والأخبار التي تنشرها، وأكدوا أن الغاية التي نشأت، أو وُجدت، من أجلها مواقع النشر الإلكتروني فقدت الغاية منها، ومنها ما تحول لصفحات لبث الدعاية والإعلان الربحي، والترويج للمنتجات من دون أي ضوابط أو محاسبة، ومنها ما تحول إلى منصات للتشهير ونشر الفتن والفوضى، ومنها للإعلان عن حالات الفرح والحزن، أي منصات للتهاني والتبريكات وكذلك التعازي.
ويقول الطبيب جمال علواني: تحولت صفحات التواصل لنشر الأخبار التي تفتقد للمصداقية، وعلى صعيد عملنا، مثلاً دخل ما يسمون بمعالجي الطب البديل الذين لا يملكون أي شهادات أو خبرات أو تراخيص في هذا المضمار، ويأخذون بنشر المعلومات الطبية عن بعض الأمراض وكيفية علاجها لمجرد إرواء المريض قصة مرضه، وعلى الفور يقوم البعض بإعطائه الوصفة ثم نشرها على صفحاتهم، لتخرج عن السيطرة، ويبدأ الناس بتداولها من دون تفكير، في الوقت الذي يحتاج الأمر لتحاليل وصور وغير ذلك من الإجراءات الطبية الضرورية، حتى ضاعت أسماء الأطباء والأكاديميين بين تلك الأسماء، وهو ما يشكل خطورة كبيرة ونتائج لا تحمد عقباها.
استغلال البعض
ونوهت الآنسة غادة السنكري بأن بعض الصفحات تتقاضى مقابلاً مادياً لقاء الترويج لسلعة أو منتج ما، وذلك بعد أن حصل صاحب الصفحة على عدد كبير من المتابعين والأصدقاء، حيث يستغل البعض منهم جمهوره لتمرير ما يريد من ذلك، ليحصل بالنتيجة على مبالغ طائلة، وزد على ذلك أن البعض من أولئك يستخدمونها بغرض الدعاية السوداء والتشهير ببعض المنتجات الصحيحة، وحتى أسماء منتجيها، لأنه ليس هناك من يحاسب أو يعاقب، فإذا أراد مدير الصفحة أن يرفع شخصاً إلى العلياء لكان باستطاعته، وإذا أراد إنزاله إلى الهاوية لاستطاع أيضاً، لكونه سيلقى مئات وربما آلاف المؤيدين لفكرته، فضلاً عن نشر هؤلاء بعض الأخبار السياسية والاقتصادية الملفقة والتي تدخل في إطار نشر الشائعات.
كما قال المهندس سلمان حسن: لقد غصت صفحات التواصل بالأسماء، وهناك ما يتشابه منها بالاسم والشهرة، وهو ما أفقد المعروفين بأعمالهم وإبداعاتهم الشهرة، حيث يقوم البعض بنشر معلومات علمية غالباً ليس لها أساس من الصحة، والهدف فقط سحب الزبائن لمواقع مختلفة وابتزازهم فيما بعد، وعلى مبدأ “أصبحنا هنا وليس هناك مجال للتراجع”.
لم نعد نميز
وأكد طليع رمضان أنه لم يعد يميز بين أسماء الشعراء والكتاب والصحفيين، لأن هناك آلاف الناشرين في المجالات الأدبية والشعرية وغيرها، وكل من خطر بباله شيء يلجأ إلى صفحات التواصل، لأنه ليس هناك أي وازع قانوني أو أخلاقي يمنعه، وترى الأخطاء اللغوية والنحوية والصياغة الركيكة وما غير ذلك من ملاحظات.
كذلك نوهت المحامية ولاء العيسمي بأن بعض الصفحات تحولت إلى منصات للتهاني والتعازي وربما الطهور، ونشر أخبار لا تمت إلى الصحة بصلة، والهدف فقط إثارة القلاقل والفوضى.
نعم تفتقد صفحات التواصل للمبادئ التي وجدت من أجلها، وتضرب عرض الحائط بقوانين وأنظمة النشر ولا يحسب أصحابها أي حساب للعواقب، فقد لاحظ الكثيرون في الآونة الأخيرة غزو هذه الوسائل لحياتنا ومحاولة تأثيرها لتشويش انتباهنا وصرفه نحو عالم خيالي يفتقر للوعي والثقافة وأساليب العيش الكريم.