الثورة _ وعد ديب:
تعتبر الأعمال الفنية والحرف اليدوية وسيلة للحفاظ على سلامتنا العقلية وصحتنا النفسية، فكلما كنا منغمسين بالفنون وجماليتها وآلياتها المتنوعة كنا أقوياء عقلياً حاضري الذهن والتفكير، لأن ممارسة أي حرفة فنية تحسن مرونة الدماغ ونشاطه وتنبه الذاكرة، ولعل ما نراه ضمن الصورة الاجتماعية الفنية التي نتحدث عنها اليوم (شراء الخرز وصناعة القلائد والأسوار والزينة)، هذا المشروع الفني التنموي والاقتصادي الصغير بذرة خيرة تحتضن الفن والإبداع لفتيات صغيرات في العمر، يسعين بدعم من أمهاتهن لتطوير الذات والعمل المتواصل بالذهاب والمشاركة بتسوق الخرز والبحث عن الأجمل والأفضل، ليكون هذا المشروع ناجحاً متميزاً فيه الجديد كلّ يوم، وهو من ناحية أخرى يدعم شخصية الفتيات ويعطيهن القوة والثقة بالنفس والاعتماد على الذات، ومعرفة كيفية التسوق والتداول المالي والجدل بالأسعار، ويجعلها تفكر بتنمية وتوسيع مجال العمل ليصبح أكبر وذات قيمة أعلى، وهو ما يجعلها مكتفية مادياً توفرعلى أهلها مصروفها ومصروف دراستها.
المشاركة بمعارض كبيرة
في هذا الصدد تقول الباحثة في القضايا التنموية والاجتماعية الدكتورة سلوى شعبان عن هذا المشروع: إنه أسلوب متميز وتربوي عميق من قبل الأم، التي تربي بحكمتها، وخوفها على ابنتها بأن تشغل هذه الفتاة بحرفة، بعيداً عن الوقت المهدور من دون فائدة على الجوال، كما نشاهد حالياً بعض الشرائح العمرية وتعلقها السلبي من دون الاستفادة من الانترنت بشيء مفيد، وتضييع للوقت الثمين، ولعل متابعة الفتاة ضمن هذا المشروع يصبح المصدر الرئيسي للدخل مستقبلاً لها ولأسرتها.
وتابعت، أنه وانطلاقاً من عمق التجربة وقيمتها الإيجابية فإن الانتفاع الذاتي يبدو هو الأسمى برفع الروح المعنوية والنفسية وتنظيم العواطف والمشاعر، وتقليل هرمونات القلق، بعيداً عن القلق والتوتر، فهذه الأعمال تحفز الرضا والسكينة في النفوس، وتعطي المتعة والسرور والهدوء، وتطور النشاط العقلي من خلال التواصل والتشارك مع الآخرين عن طريق المشاركة بمعارض كبيرة وفعاليات اقتصادية وفنية، كما أنها تعزز الروح الجماعية والعمل المشترك والاستفادة من تجربة الآخرين اجتماعياً وفنياً واقتصادياً.
تفريغ الطاقة السلبية
ونوهت شعبان بأن هناك مثالاً حياً شاهدناه جميعنا، ومازلنا نشاهده حتى الآن لدى جداتنا اللواتي يمارسن تلك الحرف الجميلة، وهن بصحة وذاكرة يقظة وحية بالنسبة لأعمارهن المتقدّمة، على الرغم من مشاغل الحياة المختلفة، وهذا بسبب تفريغ أي طاقة سلبية لديهن وتغذية أدمغتهن بالعمل والمواظبة المنتجة.
تنظيم الوقت
ولفتت إلى أنه يجب أن نظل محافظين على هذا الإرث الغني والذي يدخل ضمن دائرة تراثنا الشعبي والفني، ولنهتم بكلّ مهارة أو هواية يمتلكها أبناؤنا، لأنها تدعم وجودهم وتطور قدراتهم، مع العمل على تنظيم الوقت مابين الدراسة والواجب المدرسي، وبين هذه الهوايات والمهارات والحرف، لأن نعيش ظروفاً استثنائية صعبة لذلك وجب تدريب الأبناء والاهتمام بهم أكثر ليكونوا أكثر قوة وتماسكاً وتحدياً لأي صعاب أو تحديات.
وأوضحت، أنه وبصراحة تامة، إن تلك الفنون والأعمال الفنية اليدوية أخذتنا معها إلى ذاك الزمن الجميل الذي نشتاق لكلّ ما فيه من بساطة وعفوية وسهولة، بعيداً عن تعقيدات الحياة وعالم التكنولوجيا الذي سرق منا الكثير من هذه الأشياء، والتي تتعلق بذاكرة وتاريخ أجدادنا وجداتنا الغني والحافل والزاخر.
تعليم الفتيات في المدارس
وتقترح الدكتورة شعبان أن تتواجد مبادرات واقعية منها مشاركة الجدات وجعلهن المثال الحي في تعليم الفتيات في المدارس والأحياء وإعطاء الأهمية لهذه الحرف، كشغل الصوف والتطريز والشك والخرز، وتقديم الدعم المادي أو المساعدة بمواد العمل للتطوير والترغيب أكثر لدى الجيل الصاعد، فكثير من الأمم نهضت وتقدمت بمشاريع وحرف تنموية بسيطة وتطورت لتصبح أكبر فأعطت للمجتمع الكثير من الفائدة والقوة.
في النهاية.. يجب أن نشجع لشراء هذه المنتجات وهذه الثمارالفنية المشغولة بأيادٍ فتية وعقل خصب ممتاز تجربة حيّة واقعية ناجحة.