خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:
يواصل العدوُّ الصهيوني هجمته البربريَّة الوحشيَّة الفاشيَّة الإرهابيَّة المجرِمة على قِطاع غزَّة لِيكملَ المأساة في قِطاع غزَّة، ويواصل حصاره الجائر بقطع كُلِّ سُبل الحياة، وتنفيذ إبادة جماعيَّة لمليونَيْ مواطن في القِطاع، في مشاهد يندَى لها جبينُ الإنسانيَّة بعد هدنة استمرَّت ستَّة أيَّام تمَّ خلالها تبادل بعض الأسرى من النِّساء والأطفال، وكان العدوُّ يأمل رفع سقف مطالبه بالإفراج عن جميع الأسرى والمحتجزين مقابل وقف إطلاق النَّار في حالة تجاهل تاريخي لحقِّ الشَّعب الفلسطيني بالدِّفاع عن نَفْسه وتقرير مصيره واستعادة حقوقه، ولكنَّه لَنْ يجدَ ذلك إلَّا مع الشعوب المدجَّنة.
أمَّا الشَّعب الفلسطيني الَّذي قدَّم تضحياته خلال أكثر من قرن من الزمان في سبيل قضيَّته العادلة ومشروعه التحرري الَّذي بدأ يتمخض من رحم هذه المعاناة الإنسانيَّة غير المسبوقة في التاريخ البَشَري.
اليوم يَعُودُ الإرهابي المجرِم لاستمرار مجازره الإرهابيَّة في ظلِّ صمتٍ عربي ودولي معيب، حيث يتفرج العالَم على هذه المجازر اليوميَّة الَّتي تستهدف الأبرياء من النِّساء والأطفال.
الدوَل العربيَّة اليوم تشاهد هذه المجازر الدمويَّة المستمرَّة، في حالة معِيبة في التاريخ الإنساني أن لا تحرِّكَ ساكنًا وبِيَدِها عدد من الأوراق الَّتي يُمكِن استخدامها لكنَّها لَمْ تقدِّم شيئًا يُذكر حتَّى أدنى الجهود المتوقعة! أليس بإمكان العرب قطع مصادر الطاقة (النفط والغاز) وهي بالأمس قلَّصت أكثر من مليون ونصف المليون برميل، يضاف إلى تقليص سابق وصل إجماليه إلى أكثر من (5) ملايين برميل، لكن ذلك التقليص ـ للأسف ـ لَمْ يكُنْ في صالح القضيَّة، ما يُدلِّل على أنَّ أيَّ ورقة ـ وإن كانت ممكنة ـ لا يُمكِن أن تقدَّمَ من أجْلِ إيقاف الجرائم الوحشيَّة الَّتي تطول أولئك الأطفال الأبرياء، لكن التقليص حدث من أجْل مصالح دوليَّة خاصَّة، فهل استقرار أسواق النفط أهمُّ من إيقاف تلك الجرائم المهولة الَّتي خلَّفت آلاف الشهداء والمصابِين والدَّمار الهائل الَّذي لحق بقِطاع غزَّة ومُدُن الضفَّة؟! أليس بإمكان الدوَل العربيَّة إلغاء هذه الاتفاقيَّات المذلَّة مع الكيان الصهيوني؟! أليس مخجلًا رفع مانشيتات الشَّجب والإدانة والتمترس خلف رفض تهجير سكَّان غزَّة من أجْلِ الأمن القومي مع تجاهل الأمن القومي العربي الَّذي يُنتهك من خلال هذه المجازر الصهيونيَّة؟ بل إنَّ الأمن القومي لهذه الدوَل سيكُونُ مستباحًا لو (لا سمح الله) سقطت هذه القلعة من المقاومة.
في ظلِّ استمرار حرب الإبادة الجماعيَّة والتغوُّل الصهيوني، واستمرار المجازر المروِّعة على أهلِنا في فلسطين، والممارسات الإجراميَّة الوحشيَّة في قِطاع غزَّة الصَّابرة المحتسِبة جرائم حرب ضدَّ الإنسانيَّة وبدعمٍ أميركي أوروبي كامل؛ ينبغي على الأُمَّة أن تتحركَ بشكلٍ عاجل لإبراز حراك شَعبي ضاغط للمطالبة بتطبيق تنفيذ المادَّة الثَّالثة من ميثاق جامعة الدوَل العربيَّة الَّذي يدعو إلى الدِّفاع عن أيِّ دَولة عربيَّة تتعرض للعدوان؛ كما يجِبُ تفعيل أوراق الضغط المتاحة والَّتي يُمكِن استخدامها في ظلِّ هذا التمرُّد الصهيوني السَّافر؛ وأهمُّ هذه المطالب طرد سفراء الكيان الصهيوني من الدوَل العربيَّة، واستدعاء السفراء العرب لدى الدوَل الدَّاعمة للعدوان كاحتجاج سياسي رسمي؛ بسبب استمرار دعم هذه الدوَل للمجازر الَّتي تُمثِّل انتهاكات وخرقًا لقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني، واستمرار الدَّعم الأميركي الأوروبي لهذا الكيان الإرهابي والتغطية على جرائمه، كما يجِبُ إصدار قرار جماعي بوقف تصدير النفط والغاز للدوَل الدَّاعمة لهذا العدوان الهمجي غير الإنساني على الأبرياء في قِطاع غزَّة، مع تشكيل لجنة عربيَّة للتواصل مع عواصم العالَم لِتشكيلِ موقف وتكتُّل ضاغط لإيقاف العدوان، كما يُمكِن التلويح بعدم الوقوف أمام إرادة الشعوب الراغبة بالتطوُّع للدِّفاع عن الأشقَّاء إن لَمْ يمتثلْ هذا الكيان المجرِم للقانون الإنساني ويوقف عدوانه الهمجي عن أهلِنا وأطفالنا في قِطاع غزَّة وفي فلسطين عامَّة.
واليوم يجِبُ على الشعوب العربيَّة أن تقومَ بِدَوْرها المنتظر، وخصوصًا في الدوَل المحوريَّة مقابل هذا الموقف الإجرامي الآثم الَّذي لا يحتمل الصَّمْت على الإطلاق، ولا يوجد عذر أمام العالَم العربي في تحمُّل مسؤوليَّاته التاريخيَّة مع استمرار هذا العدوِّ في جريمته النَّكراء، أمَّا الصَّمْت فهو أمر مأثوم ومعيب في كُلِّ الشرائع السماويَّة؛ لذا فقَدْ حقَّ نصرة الأشقَّاء في فلسطين، وكما قال الشاعر: أخي جاوز الظالمون المدى فحقّ الجهاد وحقّ الفدا.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم